09‏/06‏/2009

قال الشعار: فلسطين لنا.. قال الواقع: استمروا في الوهم

هل فعلا نمتلك وعي الارض؟


كانت شهرزاد تقرأ الحكايا وكتب التاريخ عساها تجد نفسها وسط حطام من كلمات وتجارب. وفي احيان كثيرة كانت تسأل نفسها ان كانت داخل احدى الروايات ام خارجها. كانت تتسائل: هل اعيش حكاية نفسي؟ والى اين المصير?
مرت سنوات وهي على هذه الحالة، تعتاش من الكلمات والمعاني. تفسرها وتأخذها الى اماكن حقيقية ووهمية. عاشت لتعرف، ولكنها اليوم تشعر وكأنها تصحو من حلم او من كابوس.
لم تكن شهرزاد سوى امرأة وحيدة تحاول تسلية نفسها ومن حولها من البؤساء...



كل يوم تسلب لنا أرض
وفي أحد الأيام وكان ذلك قبل اربعة أيام، وجدت شهرزاد نفسها وسط جماعة من الفلسطينيين والاسرائيليين من نشطاء ما يسمى "حقوق الانسان" في رام الله. كان النقاش حول سياسة الادارة العسكرية في مناطق C (اي المناطق الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي المباشر وفق تقسيم اتفاقيات اوسلو بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي )، وملخص المعطيات التي عرضتها منظمة "بمكوم" وهي منظمة اسرائيلية تعنى بموضوع الهدم والبناء في المناطق المحتلة عام 1967 وخاصة في القدس العربية وفي مناطق C في الضفة الغربية. وحسب المعطيات فان اسرائيل تسيطر على 60% من مساحة الضفة الغربية وهي تخضع للادارة العسكرية بشكل مباشر، حيث تحول دون ان تتوسع القرى والمدن الفلسطينية وبذلك تحد من نموها وتطورها.

وحسب الاحصاءيات فان اسراائيل تهدد بهدم ما يقارب 60 بيتا شهريا، اضافة الى مصادرة 9% من اراضي الضفة الغربية بهدف بناء جدار الفصل العنصري. وبالمقابل فان الادارة العسكرية تعمل على بناء المستوطنات وتوسيعها على حساب تطور القرى والمدن الفلسطينية، وعلى الرغم من ان المستعمرات الاسرائيلية تحتل 1.5% من مساحة الضفة الغربية الا ان اسرائيل تستمر في مصادرة الاراضي وبناء المستعمرات.

وتمتنع الادارة العسكرية الاسرائيلية عن اعطاء تراخيص البناء للفلسطينيين بحجة ان القرى الفلسطينية تقع في مناطق يحضر فيها البناء حسب وثائق التخطيط للاستعمار البريطاني قبل عام 1948. وفي ذات الوقت ترخص بناء المستوطنات على نفس هذه الاراضي.

نفاق حقوقي...

كان ممثلو منظمات حقوق الانسان الفلسطينيين في حالة من الدهشة من الخرائط التي عرضها ممثلو المجعية الاسرائيلية ومنهم من اثنى على هذا الجهد، ومنهم من طالب الاسرائيليين بالاعتراف بان الضفة الغربية محتلة! وغيرهم قال بان هذه المعلومات يجب ان تذهب مباشرة الى طاولة الامم المتحدة! وغيرهم ناقش المصطلحات واعترض على تسمية المناطق الفلسطينية بحسب مصطلحات اوسلو، ومنهم من قال: ان مصادرة اراضي الفلسطينيين واعتبارها اراضي دولة هو تبني للمصطلحات الاسرائيلية وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا.

وبينما كان بعض المنظرين من جماعة حقوق الانسان الفلسطينيين يستعرضون لغتهم الانجليزية، (اغلبية الاسرائيليين صمتوا) على الرغم من ان اكثر الحضور كانوا من العرب، الا ان النقاش لم يكن بالعربية، وانا شخصيا أشك ان جميع الحاضرين قد فهموا المحاضرة. وفي هذه الاجواء وبينما كنت احاول ان احصل على مجال للمشاركة بالنقاش، لم احصل عليه لسبب اعرفه او لا اعرفه... نطق وفي اللحظة الاخيرة احد المشاركين باللغة العربية وقال: علينا نحن الفلسطينيين ان نبذل جهودنا لتوعية المواطن الفلسطيني ومساندته في حالة مصادرته لارضه.

طبعا المؤتمرون لم يكونوا يبحثون عن مثل هذا الكلام بل كانوا يريدون انهاء اللقاء بعد ان انتهى استعراض المشكلة بلا محاولة للبحث عن حل فعلي وواقعي لها.

وليس هذا الحال باختلاف عن كثير من قطاعات حقوق الانسان الاخرى، حيث ياتي الاسرائيليون مع المعرفة والبحث والتقصي، كانما هم يحاربون الاحتلال، احتلالهم، بالمعرفة، وياتي الفلسطينيون بالفذلكة والكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

غالبية دكاكين حقوق الانسان الفلسطينية لا تنتمي للواقع، اي الناس ولا تتواصل معهم الا من علياء، ولا تحاول فعلا ان تؤدي الى تغيير فعلي في الواقع. كل ما يعرفه غالبية هؤلاء هو النفاق واستعراض نظريات غربية وفذلكات ليس لها جذر ولا اصل.

أين الارض في الوعي الفلسطيني اليومي؟

قالت لي احدى الناشطات: اتعلمين لماذا ذهبت اراضينا؟.......... لاننا ذهبنا عنها وتركناها.. لو كان هناك وعي لما صودرت اراض. تحولنا الى شعب متسول.. يضع الاحتلال واذنابه من المستعمرين ايديهم على الارض البور التي لا يزورها اهلها ولا يزرعونها. بينما يتهافتون على التسول من الدول المانحة او العمل داخل المستوطنات الاسرائيلية.

قال لي عامل فلسطيني: هذه ليست مستوطنات، بل مستعمرات.. هؤلاء ليسوا مستوطنين بل مستعمرين!

قال الشعار: فلسطين لنا..
قال الاحتلال: استمروا في الوهم.. سنبتلع الارض وستكونون لنا عبيدا..

ليست هناك تعليقات: