29‏/10‏/2008

هكذا يسود الاسلام: تجربة صندوق امانة انكوم في الولايات المتحدة


النجاح الاقتصادي الاسلامي هو الذي سيقود العالم الى الايمان بأن شريعة الاسلام قائمة على العدل. والعدل في اللغة هو وضع الشيئ في مكانه الصحيح. وفي الاقتصاد نحتاج الى العدل بين الاطراف التي تشارك في عملية الانتاج والربح.

صندوق اسلامي حلال في فرض وجوده واستقطاب غير المسلمين. وهو ايضا دعوة الى منهج الاسلام ليس فقط من خلال تحريم الربا بل ايضا رفض الاستثمار بكل مناحي الانحلال الاخلاقي. وهنا تكون القدوة الفعلية للاسلام. فليس الربح يبرر كل سلوك اقتصادي بل الاخلاق ايضا. نجاحات متراكمة من هذا النوع ستخلق فكرا اخر حول السوق الحر. فليس معناه الحرية في انتهاك الاخلاق بدعوى المنافسة والبقاء للاقوى، بل الحفاظ عليها من خلال الاستثمار العادل ويمكن ايضا الربح من هذا السلوك.


ما لفت انتباهي في هذه التجربة هو ان المسلمين قادوا هذه التجربة من اجل نقاء اموالهم من الربا والفواحش. وهذا ما على المسلمين ان يبادورا الى فعله في كل مكان في العالم. اولا بالايمان بان الشريعة الاسلامية حق ومكسب في الدنيا والاخرة ومن ثم العمل على تطبيقها من اليوم في كل اطار ممكن.

انها فرصة النظام الاقتصادي الاسلامي ليكون بديلا امنا.


صندوق إسلامي بأمريكا يتجه للقمة رغم الأزمة
للكاتبة افتكار البنداري

"الاسلام ونيكولاس كاسير قادا صندوق (أمانة إنكوم) للتعاملات المالية الإسلامية إلى حصد مكاسب تخطى بها كل منافسيه في السوق الاستثماري الأمريكي، وسبحا به بعيدا عن تلاطمات الأزمة المالية التي تعصف بالعالم منذ أسابيع".
بهذه العبارة، بدأت صحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية تقريرا لها نشرته هذا الأسبوع عن نجاح تجربة صندوق 'أمانة إنكوم' الاستثماري الإسلامي، وصندوق 'أمانة جروث' في إحراز أكبر كم من العوائد بأقل نسبة من المخاطر مقارنة بمنافسيهم على مدى السنوات الخمس الماضية.
واعتبرت الصحيفة أنه على هذا الأساس 'فإن مبادئ الشريعة الإسلامية تمهد الطريق أمام صندوق (أمانة إنكوم) إلى القمة'.

وبحسب ما نقلته عن وكالة 'مورنينج ستار'، المعنية برصد المعدلات المالية الأمريكية، فإن صندوق 'أمانة إنكوم' حقق معدل نمو سنويا بلغ 9.7%، وهو الأداء الأفضل في مقابل أداء الصناديق الاستثمارية الأمريكية الأخرى التي لا تتبع الشروط الإسلامية في الاستثمار.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصندوق بهذا الأداء 'أثبت، وبشكل خاص في عام 2008 الذي شهد تضخم الأزمة المالية العالمية، أن القيود التي تفرضها الشريعة الإسلامية على أداء ومجالات الاستثمار أثبتت فائدتها وأفضليتها؛ حيث لا يضم الصندوق أيًّا من الشركات التي تتعامل بالمضاربات أو الفوائد، والتي منيت بضربات قاصمة، وصلت لحد إفلاس بعضها هذا العام'.

وتأسس صندوق 'أمانة إنكوم' في الولايات المتحدة عام 1986، بواسطة المؤسسة الإسلامية في أمريكا الشمالية؛ تلبية لرغبات المسلمين الأمريكيين الذين يريدون استثمار أموالهم وفقا للشريعة الإسلامية التي تمنع نظام الفائدة، وتحرم استثمار المال في تجارة الخنزير والكحول والإعلانات والإعلام والمواد الخليعة والتبغ.
ثم تأسس تبعا له صندوق 'أمانة جروث' في عام 1994، وكلاهما تديره شركة 'ستورنا كابيتال' بقيادة نيكولاس كاسير، ومقرها مدينة بيلنجهام بولاية واشنطن.
أقل نسبة مخاطر
كما سجل صندوق 'أمانة إنكوم' نسبة 0.95% بمقياس شارب حتى يوم 30 سبتمبر، مقارنة بـ 0.27% مقارنة بمنافسيه، وهو ما يعني أن الصندوق تحمل أقل نسبة مخاطر في عوائده الاستثمارية.
ونسبة شارب تستخدم لتقييم أداء المحافظ الاستثمارية، ومعرفة إن كان الربح ناتجا عن قرارات استثمارية جيدة أم نتيجة تحمل مخاطر استثمارية عالية، وكلما زادت نسبة شارب كلما دل هذا على أن الأداء كان جيدا بنسبة مخاطر متدينة.
وتبعا لهذه النتائج وصل عدد المستثمرين غير المسلمين في الصندوق إلى نحو نصف عدد المستثمرين البالغ 70 ألف شخص، بحسب تصريحات نقلتها 'واشنطن بوست' عن نيكولاس كاسير.
وبرر كاسير إقبال هذا العدد الكبير من غير المسلمين على الصندوق بقوله: 'إنهم يعتقدون بأفضلية القواعد الإسلامية التي نستثمر أموالهم على أساسها'.
وكاسير (62 عاما) يدير الآن الصندوقين من شركة 'ستورنا كابيتال' التي أسسها في 1989 في مدينة بيلنجهام بولاية واشنطن، وهو ليس المسلم الوحيد في مجلس إدارة الصندوق، الذي يعتمد -إضافة إلى مستشاريه في الولايات المتحدة- على استشارة منظمات مالية إسلامية في مملكة البحرين.



وكانت شركة 'ستورنا كابيتال' قد فازت بجائزة أفضل مدير صندوق في الولايات المتحدة لعام 2008 ضمن جوائز المحافظ الاستثمارية الإسلامية التي تقدمها شركة 'فيلكا' العالمية المتخصصة في مراقبة أداء الصناديق الاستثمارية التي تتبع قواعد الشريعة.
وفي العام السابق فاز صندوق 'أمانة إنكوم' بجائزة أفضل صندوق استثماري أمريكي، ضمن جوائز نفس المسابقة لعام 2007.
وأدت الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي منذ شهور بسبب الرهون العقارية وتراكم الفوائد على الشركات والأشخاص إلى إفلاس عدد من البنوك، أحدثها بنك 'واشنطن ميوتشوال' الذي يعد أحد أكبر مصارف التوفير والقروض في الولايات المتحدة
.


حول نجاح الخيار الاسلامي طالعوا ايضا:








27‏/10‏/2008

أكتب لتعش


ان تكتب لتعيش. أن تعبر عن ذاتك لتكون. هذا تحد كبير. كيف نميّز بين مسؤوليتنا عن واقعنا وبين مسؤولية المستعمر؟ كيف نتواصل مع انفسنا ونحن لا نزال نعيش غربة، انفصام عن الواقع، حالة من فصل الذات عن المحيط. وكأننا معلقون بين سبع سماوات وسبع أراضين.

مستعمر متآمر وجلاد للذات
ينشغل الخطاب الثقافي اليوم إما بالحديث عن المستعمر، الامبرالي المستعلي، وكم هو ظالم وكم سرق وحرق من الحضارة الاسلامية والعربية، ولا يزال يفعل هذا حتى كتابة هذه السطور، وكم نحن ضحايا لهذه السياسات والمؤامرات التي تحاك في ظلمة ليل من اجل المس بنا ونحن بطبيعة الحال لا حول لنا ولا قوة الا اكتشاف هذه المؤامرات وفضحها وكشفها والولولة عليها. مثل بروتوكولات صهيون المزعومة وكيف خطط اليهود للاستيلاء على فلسطين. وما هي هذه البروتوكولات الا توثيق افكار. ومن المعروف انه اذا لم توثق الافكار وتكتب فانها لا تتطور ولا تتحول الى سلوك وفعل. وليست البروتوكولات مؤامرة بقدر ما هي طرح افكار نجحت لانها وجدت القوة السياسية التي تحميها من الغرب.
وما اريد قوله فعلا ان ثقافة المؤامرات واننا ضحايا المؤامرات لم تكن الا سببا في هزيمتنا. فمن يقول كانت مؤامرة ارتكبت ضدي وانا لا اعلم، معناه انه يخلي نفسه من المسؤولية على واقعه. فالكل يعمل إما ضده أو معه وكأنه لا علاقة له بواقعه. وهذا شر بلية.
وبدل ان نقول تآمر علينا الغرب وتكالبت علينا الامم لنقف ونسأل أنفسنا: اين هي مسؤوليتنا على واقعنا؟ أين كنا عندما كانت هناك أحلاف بين الأمم؟ بماذا انشغلنا؟ كيف قضينا وقتنا.. وبعدها كيف قضي علينا؟

وطبعا لا ننسى جلد الذات، وفينا من هم محترفون في جلد الذات والحديث عن الفشل المتراكم الذي هو بسبب طبيعتنا الشرقية وتراثنا المتخلف والى آخره من النقد الذي يجر نقدا ويجر شعورا بالانهزامية. بدون ان يطرح هذا النقد حلولا عملية للخروج من المأزق. وجلد الذات لا يحتاج الى كثير من البراهين.. فالوضع سيئ.. والسؤال الذي يطرح: وبعدين؟
نسمع ونقرأ للكثيرين من المحللين وهم فعلا رائعون في التحليل والتشريح للواقع وهذا من منظور: مع او ضد. أبيض أو اسود. وبدون التفاصيل. ما يهمهم الاطار العام. سقطت امريكا بسبب الربا وبدون حاجة للتفاصيل. التفاصيل غير مهمة المهم سقوط امريكا وهو ما ننتظره من زمان وضرورة العودة الى النهج الاسلامي. ويعرض النهج الاسلامي بصورة عامة وبدون تفاصيل وبدون خطط عملية وبدون الحديث عن مسؤولية الفرد والاسرة والجماعة من اجل الوصول الى هذا النهج، وماذا يجب ان نعمل يوميا من اجله. وكانه مفهوم ضمنا. و

رومانسية ولكن؟
وهناك خطاب جديد نسبيا افرغته الفضائيات الاسلامية حيث الحديث الرومانسي عن الماضي المجيد والسلف الصالح الذين تحولوا الى اساطير بدلا من ان يكونوا قدوة ملموسة. وهذا الخطاب اشعر الكثيرين بالاحباط، فمن اليوم يستطيع قيام الليل حتى تتورم قدماه؟ ومن يستطيع ان يحتمل ألم قطع رجله وهو يصلي فلا يشعر بها من كثرة خشوعه؟ ومن من الاطفال يستطيع ان يحفظ القران وان يؤم بالناس وقد تجاوز سبع سنين بقليل؟ واي شاب في السابعة عشر من عمره يستطيع ان يسود امة وان يقود جيوشا جبارة؟
ونحن نستطيع ان نصل الى هذه المراحل واعلى منها اذا كانت هناك تربية اسلامية منهجية منذ اجيال. تربية تهيئ جيلا بعد جيل للنهوض. ولكن هذه تربية اجيال ويجب ان تكون تدريجية حتى نصل.
ولذلك كم يساعدنا تقديم صورة السلف على انها اسطورية؟ سيقولون ليست اسطورية انما هي واقعية. صحيح. ولكنها تخرج بدون سياق حيث لا تعرض تلك الصور المشرقة في سياقها التاريخي والثقافي وكيف واجهت من خلال سلوكها واقعها. وهذا بالضبط ما نحتاج اليه في التربية. السياق والواقع وكيف بصورة انسانية، وليس باعجوبة، كان السلوك الاسلامي هو طريق المواجهة.

كيف نتحول؟
انا نفسي احيانا اقع في هذه المطبات التي اعرضها. اقول يجب ان يكون بناء وعي. ولكن كيف؟ لا زلت ابحث ليس فقط عن الوعي وحاجتنا الى الوعي بل ايضا عن الطرق العملية لتحويل هذا الوعي الى سلوك.
وعندي بعض الامثلة على نجاعة وجود الوعي وامكانية تحويله الى سلوك. لي صديقة، طالبة جامعية في سنتها الثالثة اسمها حنين. تدرس الخدمة الاجتماعية وفي نفس الوقت مسؤةلة عن مجموعة فتيات لتحفيظهن القران الكريم في قريتها. حنين تريد ان تطور ادواتها في توجيه المجموعات من اجل دعم الفتيات وتعزيز ثقتهن بكتاب الله. توجيه المجموعات يعتمد بشكل اساسي على الحديث عن الواقع المعاش. وهنا يكون الربط بين الواقع وحفظ القران في مجموعة تفاعل.
يتحدثون عن حلقات الذكر ومجالس العلم في التاريخ الاسلامي وكانها قصة. ولكن هذا التعلم في مجموعة المبني على التفاعل، التفكر والنقاش، وليس فقط على التلقي والحفظ هو الذي عزز الاسلام في نفوس طلاب العلم. واذكر عن باحثة غربية، نسيت اسمها، اجرت بحثا عن اساليب التربية والتعليم المعاصر ووجدت ان حلقات دراسة القران في المساجد هي فضل طريقة للتعليم مقارنة مع الصفوف. وعزت ذلك الى طريقة الجلوس الدائرية والى التفاعل بين المعلم والمتلقي والعلاقة الانسانية التي تبنى بينهما.

اما رويدة فهي تعمل في ملجأ للاطفال والمراهقين الذين يعانون من ضائقة بسبب تفسخ اسرهم. رويدة تعمل جاهدة من اجل تحويل هذا الملجأ إلى بيت دافئ يضم الفتيات المراهقات اللواتي يتعرضن لظروف صعبة بسبب انحلال الاب في المخدرات والكحول او العنف داخل عائلاتهن. ولكن رويدة تشعر ان ذلك لا يكفي، يجب ان يكون هناك مضمونا لهذا الملجأ، ولا افضل هنا من المضمون الإسلامي الذي يمنح الامل برحمة الله. ولكن كيف؟ اتفقنا اولا على ان تشعر رويدة بالمسؤولية تجاه الفتيات في ضائقة، وهي تشعر بذلك فعلا وانهن امانة لديها. وثانيا القيام بالصلاة جماعة. واشعار الفتيات بانهن يدرن في فلك الله. فان اردن النجاة تمسكن به. واعطاءهن الفرصة للتعبير عنهن وعما يجول في خاطرهن وتحديد بعض الاهداف التي يمكن ان تحقق.
في القاعة المجاورة لرويدة، كانت هناك قاعة الاولاد وهم ايضا في ضائقة. وكان يكفي ان يعرض عليهم كليب لطفل في الرابعة يحفظ السور القصار حتى سارع الاولاد الى الاهتمام. وبعد لحظات سالنا احدهم: كيف اسلمتم؟ وكان يقصد المرشدات اللواتي يصلين احيانا في الملجأ.
نحن هنا نتحدث عن فئة من الاولاد والبنات وهم عرضة للانقلات في اي لحظة وكيف ان فطرتهم قادتهم الى الاسلام. ولكنهم فعلا بحاجة الى توجيه.

بناء الوعي.. الدخول الى التفاصيل
وبعد هذا كله.. كيف يرتبط الخطاب الثقافي العام بالتربية والسلوك؟ الخطاب يشكل الاطار العام وكلما سمح هذا الاطار لافراده بالحديث، ليس فقط شفويا، بل بالكتابة والتعبير من خلال وسائل الفن المختلفة، كلما بني وعي اكثر قدرة على الارتباط بواقعه، ليس فقط لدى الفرد المبدع بل لدى محيطه. وهذا الوعي كلما كان مفصلا اكثر وقريبا من الاعماق، كلما كان الاسهل تحويله الى سلوك.

بسم الله الرحمن الرحيم: (( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) صدق الله العظيم.

24‏/10‏/2008

من عكا الى القدس وبالعكس


البحث عن الهوية، بحث صعب. عندما تعيش في مدينة القدس، لا تكون الهوية شيئا مفهوما ضمنا. دخول القدس ليس كالخروج منها. مدينة تسحق الذات ثم تعيدها. مدينة فيها قدسية حتى للخوف والرغبة.

أين أنا؟
انا حيث تتصارع الأفكار والمشاعر. وليس مثل القدس مكان لكل شيء يوحي الصراع. ويجعل الرغبة في التغير والتغيير شيئا لا بد منه.

حسنا سأبدأ من البداية بلا مقدمات وبلا فلسفة حتى أنا لا أفهمها. ومع ذلك عسى أن افهمها بعد ذلك.

عكا ليست الأولى
عكا تخطر على بالي كثيرا في الفترة الاخيرة. كنت أريد ان اكتب عنها شيئا، أي شيء حتى أعبر عن تضامني مع هذه المدينة البحرية. الأشهر تمر بسرعة وفيّ رغبة لأن أزورها وان استنشق كلماتها ومأساتها. ولكني لا أفعل ذلك. ربما احتاج الى وقت حتى استوعب انني كفلسطينية ومواطنة في دولة اسرائيل، انتظر مصيرا مجهولا. الاحداث المتسارعة التي قادت الى انفجار الصراع في عكا بين المواطنين الفلسطينيين وبين الاسرائيليين تعبر عن صراع ذو جذور.

لست عمياء. اعرف ان الصراع في المدن المختلطة قائم منذ سنة 1948، حيث الأقلية الفلسطينية تعاني من انعدام وسائل التطوير ومن الفقر والبطالة والمخدرات وغيرها من الآفات. وبالمقابل تحشد الدولة جهودها من أجل تهويد المدن الرئيسة مثل يافا، عكا، حيفا، اللد والرملة والتي يصل عدد سكانها الفلسطينيين الى 90 الف نسمة.

خرجوا من غزة ليدخلوا عكا
في عام 2005 نفذت حكومة اسرائيل بقيادة ارئيل شارون خطة اعادة الانتشار في قطاع غزة وافرغت المستوطنات من 8600 مستوطن صهيوني ديني. في ذات الفترة كانت اعمال بناء جدار الفصل تجري على قدم وساق في الضفة الغربية من اجل فرض حدود تناسب اطماع اسرائيل في ابتلاع الموارد الفلسطينية بلا رقيب ولا حسيب. وبهذا تكون اسرائيل قد اغلقت حسابها في الضفة والقطاع، وفرضت امرا واقعا لا نزال نعيش تأثيره حتى اليوم. حيث فصلت غزة عن الضفة بصورة نهائية.
وكيف يرتبط هذا بالداخل الفلسطيني؟ الجواب على ذلك يكمن في ان المستوطنين الذين خرجوا من غزة ومن عاونهم من الاجزاب الدينية الصهيونية يريدون "تنظيف" الداخل من الفلسطينيين وحصرهم داخل تجمعات يسهل السيطرة عليها. بمعنى اخر يريدون احتلال الداخل من جديد. هذه المرة ليس بالسلاح او بالسيطرة عنوة على اراضي الفلسطينيين ومنعهم من الدخول اليها كما يفعلون بالضفة الغربية. انما الاحتلال يأتي تحت غطاء اجتماعي وديني تعليمي ومن خلال التحالف مع البلديات.

نواة الشجعان والاحتلال الجديد
وعلى سبيل المثال في عكا، يعمل تنظيم باسم "غرعين اومتس" بالعربية "نواة الشجعان" منذ حوالي 11 سنة على توطين اليهود في المدينة. وذلك من خلال تشجيع عائلات الطلاب الجامعيين للاستيطان فيها والتطوع من اجل مساندة اليهود الفقراء فيها، ومن خلال تنظيم الحلقات الدينية على غرار الحلقات التي تعزز ارتباط مشتركيها بهويتهم اليهودية وبانتماءهم الى هذه البلاد.
هذا التنظيم وغيره يقومون بالعمل التطوعي المدني وفي ذات الوقت تقوية السكان اليهود اللذين يعانون من اوضاع اقتصادية واجتماعية سيئة. وفي نفس الوقت تجنيدهم للفكرة الصهيونية الدينية التي تهدف الى جمع شمل اليهود في فلسطين وطرد العرب منها.

وفي الوقت ذاته تقوم هذه المجموعات بالتقرب من اليهود العلمانيين وفتح حوار معهم من أجل رأب الصدع بين الطرفين وخاصة في مجال شريعة الدولة، حيث تضغط الاحزاب الدينية لتحويل اسرائيل الى دولة توراتية، ولا يزال الخلاف قائما حولها. وتقوم مجموعات حوار للتقريب من وجهات النظر والتوقيع على وثيقة تفاهم بين الطرفين في هذا الاطار.

قبل اسبوع، وعند "كيكار هشبات" بالعربية دوار السبت في القدس وهو مركز تجاري يستهدف اليهود المتدينين قرات شيئا ملفتا للانتباه: حتى ولو تحولت اسرائيل الى يهودية كلها.. فانها ستبقى دولة كافرة.. لان طريقتها وسياستها هذه تعيق قدوم المسيح. ووقعت جماعة باسم "هيهدوت هانئمينت" وترجمتها للعربية اليهودية المخلصة على ذلك. حاولت البحث كثيرا عن هذا التيار ولكني لم اجد له مناشير اخرى. ويبدو انه صوت يخالف الصوت الصهيوني الديني المسموع ولذلك فبالكاد يسمع.
وفي نفس الشارع هناك لافتة كبيرة تدعو النساء الى دخول السوق بلباس متواضع حتى لا يخدش احساس المارة المتدينين. وهذه اللافتة تنتشر في الاحياء اليهودية المتدينة.

مواطنون ولكن...
بين الاحتلال وبين المواطنة يقع اكثر من مليون فلسطيني داخل الدولة العبرية. حالة من الأسر استمرت ستون عاما. تصرفات المستوطنين اليهود وبدعم من الدولة يشير الى انهم لم يغلقوا حسابهم بعد 1948 مع الفلسطينيين اللذين بقوا في اراضيهم. وهم يرون في الحركة الاسلامية التي تزداد امتدادا في الداخل وخاصة بين اوساط الشباب والاكادميين عدوا لدودا. وهم ايضا يتحدثون عن اسلام يوحد العرب من اجل تحفيز الاسرائيليين توحيد انفسهم تحت لواء اليهودية الصهيونية.

الايام القادمة تحمل اعاصير. لست بقارئة فنجان. ولكني استشعر الاعصاراكثر من اي وقت مضى. الدعم الفلسطيني لأهل عكا كان مكثفا ويدعو الى التفاؤل. ولكني ارجو الا يكون دعما طارئا. يحتاج اهل عكا وغيرهم في المدن المختلطة الى دعم متواصل وفي الاساس الى زيادة الوعي والتعلم. هكذا يمكن ان نواجه الاعصار.

لمشاهدة فيلم دعائي عن غرعين اومتس باللغة العبرية:
http://www.youtube.com/watch?v=RxDTagih6eI

لقراءة عن الوثيقة المخطط ترويجها لرأب الصدع باللغة العبرية:
http://www.gavison-medan.org.il/authors/?aid=4834f394391674689b281ff853ff34ee


15‏/10‏/2008

حان وقت المبادرة



الازمة المالية العالمية اثارت ولا تزال تثير الكثير من الغبار، بل الزوابع الاعلامية والانتقادات لامريكا التي قادت نفسها ومن تبعها الى شفير الهاوية. هناك من يقول: سقطت امريكا. وهناك من يقول: ستقف على قدميها من جديد. وهناك من يقف كالمتفرج.


كيف يطرح الحل؟

ما يهمني في هذا السياق النظر الى الخطاب الاسلامي في ظل هذه الازمة. الكثير من الخطباء والشيوخ يرون فيما حصل لأمريكا خسفا، كما خسف قارون الذي تبجح بماله. واخرون يضيفون ان هذا عقابا ربانيا على الربا، فهذه حرب من الله على من يستمسك بالربا، فيمحق الله الربا ويربي الصدقات. وهناك من اشار الى انه على المسلمين ان لا يربطوا انفسهم بالاقتصاد العالم، بل حان الوقت الى تطبيق اقتصاد اسلامي. وهنا يتوقف الكلام.


تعجبني المقدمات في الخطاب الاسلامي، فيها من العاطفية ما يدفع الى الاهتمام، ولكن ما ان نصل الى التطبيق، نجد التعميم بدون تقديم طرح عملي يفيد القارئ في حياته اليومية.

يرفع الكثيرون اليوم شعار "الاسلام هو الحل" ولكنه يبقى شعارا إذا لم تجتمع تحت لواءه كل المركبات التي تجعله واقعا وليس شعارا فقط. القارئ المسلم يحتاج اليوم اكثر من اي يوم اخر الى آلية تطبيق في حياته اليومية. ولا نحتاج الى سلة فيها كل شيئ، بل تجارب ننميها مع الوقت في كل المجالات.

عندما نقول اننا نريد دولة او خلافة اسلامية، نتناسى ان هذه الخلافة لا تسقط من السماء، بل تحتاج الى من يبنيها ونحن من يبنيها. ويتم البناء عندما ندمج شرع الله في تخصصاتنا الوضعية والحياتية.


عشرون خبيرا اقتصاديا اسلاميا فقط!!

في ظل الازمة، كان الطرح التوجه الى نظام الاقتصاد الاسلامي. قلت في نفسي: انها فرصة الاقتصاديين المسلمين حتى يضعوا خطة عالمية تعتمد على الشرع الاسلامي. وبحثت في الشبكة عن خبير اسلامي. وكانت خيبة الامل كبيرة، فلم اعثر على عناوين لخبراء اقتصاد اسلاميين. ومع البحث توصلت الى كلمة قدمها عثمان الحبشي عميد كلية الاقتصاد في ماليزيا على ان عدد هؤلاء الخبراء يصل الى 300 ومنهم 20 فقط مقبولون عالميا.

عشرون فقط من الخبراء المسلمين الذين يجمعون بين علم الشرع والاقتصاد والموثوق بهم عالميا. ولكن اين هم ليقدموا خططهم الاقتصادية في ظل هذه الازمة ولتكون هذه طريقا للدعوة الى الاسلام؟؟؟

وفي البحث اكتشفت دار المشورة التابعة لجامعة الازهر في مصر وفيها اجابات عن كثير من التساؤلات حول الاقتصاد الاسلامي.


لنأخذ المبادرة كل في تخصصه

نحن الان بحاجة الى خطة اقتصادية اسلامية عامة تصل الجميع وتقنعهم من خلال التركيز على المنفعة العامة والخاصة منها. ونحن ايضا بحاجة الى تفعيل الشرع ليصبح حاجة شخصية واجتماعية بل وعالمية، من خلال اعطاء الحلول العملية للازمات وليس الشعارات فقط . واحد السبل الى ذلك ان ياخذ المتعلمون والمثقفون من امتنا على عاتقهم تعلم الشرع الى جانب العلم الوضعي ودمجهما معا، من اجل اعطاء حلول اسلامية في كل التخصصات في قوالب يفهمها ابناء هذا العصر.

وسأبدأ من نفسي. انا اليوم ادرس في ادب الاطفال اضافة الى دراستي السابقة في السياسة والاعلام والتاريخ، وانوي تطوير ادواتي في الشريعة الاسلامية ان شاء الله، حتى تكون الشريعة المضمون، اما الاطار فيكون العلم الوضعي الذي احصل عليه ويتماشى مع مفاهيم العصر الحالي.
فيا حبذا لو قام غيري بذلك كل في تخصصه، من اجل ان يصبح الشرع منهاجا يوميا قائما بذاته وليس حبرا على ورق.


روابط المقالة:

http://www.voltairenet.org/article150257.html

http://www.darelmashora.com/Default.aspx?uc=ucFatawaTypes

13‏/10‏/2008

قراءة في رواية عودة الى الأيام الأولى


المواجهة الحقيقية مع الذات
يا لها من مواجهة!! غريبة ومحيّرة. كيف يتواجه الماء مع الريح؟ الريح تستطيع أن تثير الماء فيتحول إلى امواج وأعاصير مائية هادرة. عند المواجهة تتولد الطاقة. لكن السؤال كيف نوجه هذه الطاقة؟ هل للعمل ام للخيال والوهم؟
طاقتي من المواجهة تتوجه نحو اغتراف جزء لا اعرفه من الواقع. او لنقل بعبارة بسيطة تتوجه طاقتي الى القراءة.

وجاءت رواية ابراهيم خضير، عن الرياض في بداية التسعينات من القرن الماضي. حتى تفتح أمامي أبواب الطفولة التي كانت غائبة عن حاضري. "عودة إلى الأيام الأولى" للكاتب خضير، هي عودة إلى أحداث حرب الخليج الثانية. عودة إلى "عاصفة الصحراء" كما أطلقت عليها قوات التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومن عاونها من العرب والعجم. وكانت "أم المعارك" كما أطلق عليها الزعيم الراحل صدام حسين. ولكنها لم تكن أم معارك، بل كانت أم الهزائم. ولا اقصد الهزيمة العسكرية بل المعنوية وأم التلخبطات والتخبطات في العقليات العربية.

دراما ومواقف
هذه الرواية كانت ملقاه مثل غيرها من الروايات على مكتبي، لا أقربها ولا تقربني. كنت أريد إرجاعها إلى المكتبة البارحة، ولكني لسبب ما قلت أقراها، فإذا هي تأخذني معها إلى هنا وربما إلى أبعد.
وفق الخضير عندما اعتمد اسلوب التشويق في بداية الرواية من أجل ربط القارئ فلا يستطيع انفلاتا منها حتى ينهيها، على الرغم من ان الرواية تقع في 520 صفحة من الحجم المتوسط، إلا انها دراما حقيقية تكشف اعماق المجتمع السعودي وتناقضاته في تلك السنوات العجاف.

منصور، شاب في الثلاثينات من عمره، اخصائي نفسي تعلم في لندن. مطلق من عائلة فقيرة من جنوب الرياض، بلا حسب ولا نسب، شاب مع مبادئ، يريد أن يقترب من الدين أكثر. شاب تتهيأ له فرص من اجل ان يعاقر الخمر ويصادق النساء ولكنه لا يكتفي بالتأمل. يلوم نفسه على كثرة الحساسية والشكوك. يعود إلى الرياض ليعمل في مشفى للأمراض النفسية. وبعد بضعة شهور من عوده، يحتل العراق الكويت ويعلنها ولايته ال 19. فتبدأ الجيوش الامريكية ومن حالفها بالتدفق على السعودية والخليج. ويبدأ الامريكان ايضا بالتوافد على المشفى والسيطرة عليه شيئا فشيئا. اولها بالود والتذلل وبعدها بفرض الذات والاوامر للعاملين هناك.
لم تكشف الرواية لماذا اصر الامريكان على ان يشارك منصور في بحث مع اخصائية نفسية امريكية برتبة رائد عن جنوب الرياض. ويبدو ان البحث لم يكن هاما بحد ذاته، الا انه فتح امام منصور بابا الى طبقات مختلفة من المجتمع السعودي. يتربع على قمتها بن جعفر، ثري ذو سيادة، يعيش في مملكة ويستجلب كل خادم وخادمة من كل العالم من أجل شهواته. يشرب الخمر وترى في ناديه المنكر، إلا انه يحافظ على صلاة الجمعة ويخطب فيها. يقرّب منصور اليه لسبب لا نعرفه، ولا يعرفه منصور بحد ذاته. وفوق هذا يريد بن جعفر ان يكتب مذكراته في زمن الحرب، وهو يرى في نفسه بطلا، يستطيع ان يشتري كل شيئ وكل معلومة وكل انسان بماله وسلطته.
في الرياض ترى من يؤيد الامريكان ويعتبرهم المنقذ من العراق، احداهن قالت انها ترد ان تصبح امريكية. لانها تقدس قوتهم ومعرفة رجالهم في التعامل مع النساء.

وهناك من المطاوعة (رجال الدين) الذين ينتقدون دخول امريكا الى الخليج لانها لن تخرج منها وانها ستسيطر على الجميع. وهناك تناقضات بين رجال الدين انفسهم فمنهم من افتى بجواز القتال الى جانب امريكا وحلفائها.
وفي الرواية قبر رسمي للافكار القومية والوحدة العربية. عروبة فتاة جميلة في الثلاثينات من عمرها تسقط في الدعارة وادمان الكحول مثل ابيها اليساري القومي الذي لم يتخل عن عبد الناصر حتى وهو على فراش الموت.
تصور الرواية حالة التشتت والرعب الذي ساد الرياض عشة حرب الخليج ومنذ اجتياح الكويت في اغسطس 1990 حتى يناير 1991 عندما سقطت في ايدي امريكا وسط ترحيب عربي. وخلال هذه الفترة طرد اليمنيون الذي عاشوا في السعودية عقودا كاملة بحجة دعم دولتهم للعراق. ابو يمن، لقب يطلق على اليمنيين الذين عملوا في الحرف اليدوية البسيطة التي يانف منها السعوديون على الرغم من كون اليمنيين من اصول عربية عريقة.
الرياض مدينة كل شيء ولا شيء
الرياض مدينة تجمع كل التناقضات البشرية وقت الحرب، مدينة فيها الثراء ينمو ويترعرع على حساب الخوف والبؤس. وليس غريبا ان تجسد هذه المدينة حالة الامة في تلك الفترة، التي لا هم لسادتها الا جمع المال وحفظ الكرسي.
وما اشبه حال الامس باليوم، وكانها لم تمر سنوات حتى سقطت العراق كلها بأيدي امريكية، ومعها تناثرت السهام والسكاكين من اجل ان ينال كل حصته.

منصور كان متفرجا كل الوقت. قال ان الخليج يخاف ولذلك فهو يتمنى دمار العراق. وانه لا يريد للعراق ان يدمر. قال يجب ان نكون عمليين والا نستسلم لاوهام الماضي. ولكنه لم يعطي حلا واحدا. يقول في النهاية ان لا شيئ تغير. انها سلبية المتعلم في عالمنا العربي.
اي نهاية اخرى يمكن ان تكون لرواية تكتب في 2007؟ في وقت تحكم فيه القبضة الامريكية على العالم العربي والاسلامي. اختار الكاتب ان يعرض الوضع بلا افق واضح. واشعر بنوع من خيبة الامل. وهل يخفى على أحد منا الواقع. انما نحن بحاجة إلى حلول أو على الأقل لاقتراحات حلول.

عودة الى ايامي الاولى
كان الجو باردا، والريح تزأر في الخارج، صوت المطر يطن في أذني وأنا أدعو لسلامة العراق. كنت لا أزال في الحادية عشر من عمري، لا أعرف أي رياح تواجه رمال الصحراء هناك في الخليج. ولكن احساسي كان يقودني الى الخوف من مستقبل لا تبدو ملامحه واضحة. وفي الغرفة المجاورة كان صوت المذيع من تلفزيون اسرائيل باللغة العربية ينقل الأحداث كما يريد.
ماذا بقي لنا؟؟
نحتاج اليوم إلى بناء وعي جديد. تربية جديدة للنفوس والسلوكيات. لا اعتبر رواية الخضير محبطة بقدر ما هي قادرة على ان تكشف نفوسنا. ولا بد من هذه المكاشفة وان كانت صعبة من اجل التربية.






08‏/10‏/2008

كيف أواجه؟



لماذا أنت خائفة؟ لماذا من الصعب مواجهة الذات؟ لماذا هذا الترقب؟ ولماذا تحاولين الهروب؟

هل أواجه أم اهرب؟
من السهل أن تتجاهلي وجود مشكلة ما في حياتك. ربما أصبح خيار الكثيرين في هذا الزمان أن يغمضوا أعينهم وأن لا يروا الصراعات الداخلية. وقسم آخر يلوم نفسه على المشكلة التي تواجهه بشكل لا يعطيه القدرة الى موازنة الأمور، فيدخل في متاهة الحزن والاكتئاب. وليس هناك أجمل من السقوط اللا إرادي، سقوط بلا أدنى شعور بالمسئولية ولوم الآخرين أو جلد الذات بصورة تفقد فيها كل إرادتها. أما المواجهة والبحث في الاعماق عن سبب الخوف والتردد ومحاولات الهروب فهو أصعب ما يكون، حيث يحتاج أولا إلى الإدراك بأن النفس مليئة بكل الأشواك التي لا نحبها ولكننا لا نستطيع اقتلاعها بسهولة. وهناك في مستنقع النفس الراكد، يصبح الصراع الداخلي بمثابة كسر للعادة وإخلال بالتوازن الموهوم.

أستطيع أن أقول أني اخترت المواجهة على الرغم من صعوبتها. نعم أريد أن اواجه نفسي. وأريد أن اعرف لماذا تستعمل دهاءها غير العادي من أجل الإيقاع بي. هذا السؤال لا يزال صداه يتردد اعواما من شبابي ولا أجد له نتيجة. والآن اكتب هذه السطور ولا أعرف إلى أين سأصل. ولا أعرف أين سيكون الشاطئ وأين سأستريح.

هل ابدأ ام انسحب؟
أتصور أن بداية أزمتي تكمن في حبي للبحث والكتابة. طيلة سنوات دراستي الأكاديمية كنت أجد البحث جديا أكثر في ميدان الحياة. تجارب الناس أكبر معلم. وأنا لا احتاج غلى فلسفة الأكادميين من أجل ان أعرف واقعي. وسنحت لي الفرصة لأن أعمل فترة ما في ميدان الصحافة المكتوبة. وكان هذا فعلا شيئا رائعا وصعبا في ذات الوقت. رحلت طويلا وراء لحظات الاكتشاف التي لا زلت ألهث وراءها وسأبقى.
ومع الوقت وجدت أن الكتب تخفي أسرارا عميقة، خاصة أني اجري في الحاضر، ويجب أن أعرف الماضي أكثر. فأصبحت أقرأ وهناك وجدت أفكارا وأحلاما...تاريخا... جنة وآخرة.
واليوم عليً أن أكتب بحثا حول الصراعات في أدب الأطفال الفلسطيني المعاصر. بحثا يشمل تقاطعا بين التاريخ، السياسة والاجتماع ونظريات الاستعمار وما قبله وما بعده. بحث يجرحني من أجل ان يخرج إلى النور. ومع هذا أجد نفسي عاجزة عن الكتابة.

هل اعترف ام أرواغ؟
قرأت كثيرا... وتصارعت الأفكار في داخلي طيلة ثلاث سنوات. والآن عليَ أن أكتب وان أكون واثقة من بحثي. ولكني أتراجع أمام الكتابة، وكأني لم أعرفها، وكأن حاسوبي هذا لا يعرفني.
في هذه الأيام العصيبة أجد نفسي أقرأ كل شيء يقع تحت يدي. مستعدة لأن أعمل ساعات إضافية حتى لا أواجه هذا البحث. أشجع الآخرين على المواجهة وأجد نفسي أكثرهم خوفا منها. أقطع الليل في أفكار في كل شيء إلا هو. أدعي بأني مسئولة عن أشياء كثيرة إلا نفسي. كأني أقول لها: بريئة منك.

وماذا بعد؟ تأخذني كتابتي هذه إلى عوالم مجهولة. أغوص الآن فيها. أتلهف إلى حقيقة أنتزعها من بين الأشواك مثل وردة، أشمها حتى تستفز إرادتي فأكتب. لا أريد مخدرا، بل أريد إرادة أجمعها لتجمعني وتجمع تشتتي حتى أبدأ.

الوقت قصير. أحتاج كل الوقت من أجل استجماع ذاتي. أحتاج فراغات كثيرة حتى تمتلأ بأفكار ما عرفتها قبل كتابتها. أحتاج ثقة في النفس وبأني قادرة على الوصول إلى نهاية البداية.

بقي لي أقل من ثلاثة أشهر. نهاية السنة لن تكون فقط نهاية مؤقتة لبحث ربما يحتل كل حياتي. بل ستكون أيضا اكتشافا لذاتي. وربما أيضا انتصار.

هل اغوص أم أطفو؟
والان يبدأ صيد الخاطر. وهذا اسم كتاب لابن الجوزي. وأعني ان تصيد الأفكار السلبية ونقاط الضعف لتحولها الى نقاط قوة. وتسأل نفسك عندها: هل تفيدني هذه الأفكار في امور ديني ودنياي؟ إن كانت الإجابة نعم، فلها أن تعيش. وان كان الاجابة لا فلا بد ان تستبدل بخواطر اخرى.

هذه لحظة احتضار لعادة في الدراسة تشربت فيَ طويلا. أقاومها حتى لا أمارسها اليوم أيضا. فأنا دائما بحاجة إلى أحد ما إلى جانبي، يدفعني، وبدلا من كتابة أفكاري أقولها وربما أزيد عليها.

ربما لا زلت طفلة في هذا الميدان. طفلة تريد اهتماما خاصا، ولا تكفيها دعوات الوالدين والمقربين على الهاتف. ولكنها ربما تكون الوحدة التي تخلق الخوف من المواجهة. أحيانا نخاف أن نواجهه ضعفنا لوحدنا. لكن الوحدة هي الشيء الدائم في هذه الحياة وفي القبر. وحياتنا الاجتماعية والزوجية هي عبارة عن محاولات هروب من هذه الوحدة. وحتى استهلاكنا لوسائل الاتصال وادماننا على الهاتف النقّال والانترنت والتلفاز والموسيقى وغيرها، هذا كله حتى لا نسمع أصوات الوحدة فينا.

للوحدة صوت. بدأت الآن أسمعه. "لا تخافي مني" تقول لي الآن وتتابع: "لست وحيدة. معك الله اينما كنت. لا داعي للخوف مني. فالخوف مني مجرد وهم. ليس حقيقة. مجرد إشاعات حتى تستهلكي أكثر وتشتري أكثر منتجات لا داعي لها وأفكار لا وجود لها. حتى أنا يسمونني الوحدة وانا لست وحدة. أنا شيء آخر عليك أن تصالحيه في ذاتك، وربما بعدها أطلقي عليه أي اسم تريدنه".


هل سأخرج؟
يغالبني النعاس. ومع هذا فإني لست خائفة. أدعو إرادتي للحضور، أدعوها أن تجتمع من أجل الدعاء إلى الله الذي هو دائما معي: "رباه لا تتركني. سبحانك إني كنت من الظالمين. أحمدك على كل نعمك الظاهرة والباطنة. وبك أستعين. يا رحمان... يا رحيم".

يجب عليّ عصر الوقت. بسم الله الرحمن الرحيم. والعصر. ان الانسان لفي خسر. الا اللذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. صدق لله العظيم.

ربي احتاجك بقوة.







02‏/10‏/2008

اخبار جماعة من المسلمات في الاقصى


من الممكن فتح العينين على وسعهما. ومن الممكن محاولة فتح القلب واستعادة الذاكرة من اجل استيعاب ما حصل. كان شيئا خياليا. صحبة رائعة لا تشوبها احساسيس غيرة او حقد او تكلف. كنا مجموعة نساء في احد الاماكن الاكثر قداسة. كنا في المسجد الاقصى. في النبع. في الاقصى القديم. حيث لا نوافذ، هواء ياتي من مراوح، نجلس على سجاد فيه رطوبة واضاءة لا بأس بها. كنا نساءا من أماكن عديدة: القدس، الجليل، طولكرم، رام الله، الخليل، بيت لحم وبعض القرى المتناثرة بينهم. يجمعنا هم واحد.. رغبة واحدة في التقرب إلى الله والفوز بجنته.

"رأيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم" قالت بسيمة
كنا نبكي معا.. تشهق الواحدة منا بالبكاء ليتحول البكاء والخضوع إلى لغة الجسد. هذا ما كان في العشر الأواخر في رمضان لهذا العام. كنا نقيم الليل معا. نصلي معا. نتذاكر الاسلام معا. وفي الحلقات التي نتحدث فيها، كان الواقع الأليم يطغى والحزن يخيم علينا ليتبعه أمل في الرحمة ورجاء في الجنة.
بسيمة إمراة عمرها 62 عاما، جاءت من جنين. لم تتزوج. ربت إخوانها وأخواتها بعد وفاة والديها منذ حوالي خمسين عاما. ولكنها وجدت الجائزة في الدنيا وتقول: شاهدت النبي محمدا صلى الله عليه وسلم في منامي أكثر من مرة. في إحدى المرات رأيته يشد على كتفي وانا بالقرب من الكعبة.
تقول بسيمة هذه الكلمات وقشعريرة تعبر أجسادنا. نشعر برحمة الله لها وفي هذه اللحظات بالذات نعرف أنها لم تضع حياتها سدى، بل كانت لله وفي الله.

فاطمة التي لا تعترف بالحدود الا في طاعة الله
فاطمة، فتاة في الثلاثين من عمرها، من رام الله، تسللت إلى القدس، سارت في جبال مسافات طويلة وعبرت في وحل من النفايات من أجل الوصول إلى الأقصى. أمسك جنود الإحتلال بها وبمن معها مرتين، واوقفوهم على حاجز قلنديا مدة خمس ساعات متواصلة. تقول فاطمة التي استطاعت في المرة الثالثة العبور والوصول إلى المسجد: "هناك على الحاجز عرفت الذل أكثر من اي وقت مضى. عرفت بشاعة الإحتلال. إمراة متزوجة مع أولاد وفوق الثلاثين يمكن ان تحصل على تصريح عبور. ولو كانت المرأة عقيما ومتزوجة لما أعطوها إياه. أي ظلم هذا الذي نعيشه؟"
حاول شبان فلسطينيون التسلل من رام الله إلى القدس من أجل التعبد في ليلة القدر، أمسك بهم جنود الإحتلال واعملوا فيهم الضرب والشتيمة. كان أخ فاطمة أحدهم، وهو شاب يحافظ على لياقته البدنية كما يلتزم بدينه، ويبدو أن ذلك لم يعجب الجنود فقاموا بصب جام غضبهم وحقدهم عليه، ليتركوه عند الحاجز الملعون في الساعة الثانية بعد منتصف الليل.

وفي المسجد مكان لنسمع النداءات والشكوى، إمراة في السبعين من العمر تشكو ابنيها وتقول: ربيتهم وتعبت عليهم. قتل اليهود والدهم قبل خمسين عاما. رفضت الزواج من اجل تربيتهم. ولما كبروا وتزوجوا عاملوني بعقوق. وتمسح الدموع من عينيها اللتان تحولتا الى حبتين من الزيتون الاخضر. فتاة أخرى بلغت الرابعة عشر من عمرها تقول ان اباها تزوج من اخرى وهجر امها، وتسألني إن كان أبي ايضا قد تركني وذهب!

ليلة المطر
"اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا" اعلناها قوية عالية في سماء ليلة ال 27 من رمضان ليسقط المطر. وسقط المطر وكانت تلك أجمل اللحظات في حياتي، ربنا اغسل عنا خطايانا، سبحانك ربنا إنا كنا ظالمين.

كنا نستطيع ان نلحظ تنوع الاجيال. جيل من الشابات المتعلمات وجيل من الأمهات والعجائز الاميات. كان هناك صراع خفي على من يقود تلك الامسيات الرمضانية، وفي النهاية حسم لمن يملك العلم بشرع الله. والتف الجميع حول العلم بشرع الله وكل اضاف حسب قدرته وعلمه.

دخلت رمضان مع كثير من التوقعات بهزة نفسية تعيدني لاكون اقرب الى الله. وها انا اخرج من رمضان وكلي عزيمة وامل في العمل من اجل تغيير نفسي من اجل ان يغير الله واقعي وواقع امتي. الجماعة كنز. ونحن اليوم بحاجة اكثر من اي وقت مضى الى الجماعة. فالتكن جماعتنا كل ايام السنة وليس رمضان فقط.

الشيطان يعظ في فيلم الريس عمر حرب


يراودني السؤال: هل علينا ان نتابع البرامج وانواع الثقافات والافكار الاباحية التي تغرق عالمنا؟ هل علينا ان ننتقدها وان نفهم مصادرها وسلوكها من أجل التأثير؟ ام علينا ان نبتعد عنها مستغفرين؟
بطبيعة الحال، ومن اجل نقل صورة الإسلام علينا التوجه إلى الإعلام البديل، وهذا ما صار في ثورة الإتصالات هذه. ولكننا أيضا ومن ضمن النهي عن المنكر، علينا معرفة أشكال وصور المنكر وسلوكه. في هذه مخاطرة كبيرة. ولا يأمن المرء مصائد الشيطان. وهذا القرار بالنسبة لي محفوف بخطر وهو ايضا مؤقت لعلي أهتدي سواء السبيل.

الشيطان يعظ، مجموعة قصص للكاتب المصري نجيب محفوظ، عن مصر في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. اذكر ان روايات محفوظ كانت ترافقني في سنوات مراهقتي، لكنها اليوم لا تلبي احتياجاتي من خلال طرحها الفلسفي المادي. ولكن المميز في محفوظ هو أنه يطرح التفاصيل الدقيقة التي تصنع الإنسان في خيره وشره. فالبطل عنده يمكن أن يكون لصا أو مجرما او عاهرة بدون تلك المثاليات التي نجدها في روايات زمنه.

ولست الآن بصدد تناول قصة الشيطان يعظ لمحفوظ. بل إني اقتبس هذا العنوان من أجل تناول فيلم مصري للمخرج خالد يوسف والذي أثار جدلا في مصر وهو فيلم "الريس عمر حرب". الفيلم معد للكبار فقط. وليس اجمل من هذه الدعاية لجذب اهتمام المراهقين بل وتحويلهم إلى فئة مستهدفة غير مباشرة.

عقيدة الشيطان
الشيطان يعظ في هذا الفيلم بل ويحصل على النصر المبين فيه. الشيطان يتحرك في كل مشهد ويتحول إلى قوة دافعة. والشيطان هنا لا يتلخص في المشاهد الجنسية والايحاءات التي تجعل من الفيلم بيت دعارة كبير على الهواء. بل الأخطر ان الشيطان له عقيدة يروّج لها وفكرة يريد أن تتحول إلى منهج حياة. وهذا بالطبع ما يميّزه عن بقية الأفلام العربية ويجعله قريبا من الأفلام الأجنبية التي تتناول مسألة العلاقة مع الله.

لا توجد رواية ولا فيلم ولا دعاية بلا جنس، أو على الأقل بلا تلميح جنسي. هذا الأمر يعيه كل منتج ومخرج وكاتب ومستهلك، حتى في المسلسلات التاريخية والدينية، وحتى في البرامج التي تبدو للوهلة الأولى "بريئة" وخالية من أي هدف ربحي.والمشكلة ليست في طرح الجنس بل في كيفية طرحه وتوظيفه.
وفي فيلم الريس عمر حرب، الجنس يوظف من أجل نشر عقيدة الشيطان. الجمل التي قالها الريس عمر حرب إلى موظفه في الكازينو والمزروعة بدقة في الفيلم تعبر عن رسائل الشيطان: فهو يقول له: "أنا اصطفيتك.. اخترتك لتكون صديقي" وفي مشهد آخر يريد منه أن يكون إبنه وشريكه.
ويقول ايضا: "الانسان خلق للخلود ولا يستطيع أن يعيش حياة كهذه". ثم يشجعه ويقول: "كن إله نفسك"، "بايمانك بنفسك تستطيع ان تشتري كل شيئ"، ثم يقول له: "لا شيئ في الكون يستطيع ان يتحرك بدون اذني" ويعالج خالد هذه الجملة الخطيرة بالاستغفار.
في نهاية الفيلم يكشف خالد هوية الريس عمر ويقول له: انت الشيطان. ويستعرض الريس سطوته ويري خالد ان كل أحداث الفيلم كانت من تخطيطه، وأن خالدا لا يستطيع ان يتحرك إلا في داخل الكازينو، وعليه ان يفعل ذلك شريطة الا يتعدى الحدود التي رسمت له.
وفي جولة استعراضية يحتضن عمر خالدا وسط تصفيق الموظفين في الكازينو. ويقول خالد، الذي يعاني من صراع بين الاستمرار في الكازينو الحرام وبين العودة إلى أهله اللذين رفضوه بسبب عمله هذا،انه لم يعد يستطيع العودة. وهكذا يختتم الفيلم بانتصارالشيطان.

روابط مسيحية
في مشهد آخر يرى الريس عمر حرب نفسه فوق القانون. برأيه القانون وضع لحماية الناس الضعفاء. ولكن الصفوة، أي الموهوبين مثله فهم خلقوا ليكونوا فوق القانون وأن حريتهم الشخصية هي القانون بعينه. مشهد في كامل الاستكبار والغرور. ويذكرنا بحوار إبليس مع الله رب العالمين عندما رفض السجود لآدم عاصيا ربه، بدعوى أنه أحسن منه، لخلقه من نار وخلق آدم من طين.

هل كان الشيطان يحلم بهذه المنصة التي لا تكتفي بالجنس، بل تبرر عقيدة الشيطان وتجعلها حلالا لمن يجد نفسه فوق القانون؟ فكرة الفيلم تقوم على تأليه الذات، عبادة النفس وشهواتها وتسخير الآخرين من أجل ذلك، والأكثر من ذلك أنها تنتصر في النهاية، وحتى التمرد البسيط الذي أعلنه البطل في النهاية يتحول إلى عدم.

يدمج الفيلم مشاهد مسيحية مثيرة للاهتمام، تجعلنا نرى بوضوح مصادره الثقافية، في أحد المشاهد يريد خالد مقابلة أحد المتنفذين في الكازينو، فأين يلتقيه؟ في السينما وهو يشاهد فيلم "الام المسيح" بينما يجلد "المسيح" ويتعذب. وفي مشهد اخر، يقابل البطل أحد المرابين في كنيسة والموعظة فيها عن الاله و"إبنه". وفي هذا تمهيد لأن يعرض الأب الريس عمر أبوته على من اصطفاه ليكون إبنه.
ومن خلال هذه المشاهد نستطيع ان نرى تأثر صناع الفيلم بالثقافة المسيحية الغربية، وهي غريبة عن واقعنا الإسلامي. ولكننا نرى أنه حتى أكثر الناس ربوية وإباحية بحاجة إلى دين. ولكن دين من؟ إنه دين الشيطان الذي يبنى على التسلط والتخويف.

وهم الانتصار
ربما تجد هذه الأفكار التي تدعو إلى تأليه الذات والفردية رواجا لها قبل الأزمة المالية الأمريكية التي تتباهى بالفردية والسوق الحرة، وعدم المراقبة والسيطرة، والتي تنتهج طريق القوة والتخويف من أجل فرض وجودها. ولكن مع وجود هذه الأزمة فقد تعرّت هذه الأفكار وأثبتت عدم نجاعتها، فسقطت مثل اوراق الخريف.

يمكن للشيطان ان يفرح بانتصاره المؤقت، وأن يهيئ للضعفاء ان لا مهرب منه. ولكنه لا يستطيع ان يفرح بذلك إلى الابد. فهو ومن والاه في طريق الضلال سائرون والى جهنم يحشرون. فالله كتب على نفسه الرحمة والنصر لمن والاه. والجميل في الإسلام أنه يبين لنا مصائد الشيطان ويأمرنا بالابتعاد عنها.