28‏/02‏/2009

خواطر تحت المطر


كيف يكون الانسان عندما يكون على وشك اتخاذ قرارات مصيرية؟ وما هي القرارات؟ وما هو المصير؟ الريح تزمجر خارج البيت الصغير الدافئ في احد احياء القدس، الريح تصفر وتعبّر عن الحاجة الى القرار. ولكن اي قرار تطلبه هذه الريح؟ ولماذا الآن تستيقظ الأسئلة فجأة لتصارع الحياة اليومية فتخرجها عن مسارها؟
تسع سنوات عشتها في القدس الحبيبة على قلبي. السنوات تمر، والدراسة لا بد ان لن تكفي من أجل الاستمرار في المدينة. في مجتمعنا العربي والفلسطيني خاصة، نهتم كثيرا بالجغرافيا، حتى اصبحت الجغرافيا وسيلة تعبير عن الهوية. مكان السكن يؤثر كثيرا على هوية الحاضر وعلى شكل المستقبل. المكان يعكس الامكانيات والمخاطر، بينما يغوص الواحد منا، والقصد عني، في التساؤلات التي لا تنتهي.

اما البحث الاكاديمي الذي اعتبرته تحديا قبل عدة اشهر، وكتبت عنه وكانه وحش يقترب مني لافتراسي، تحول وفي لمح البصر الى أليف لا استطيع البعد عنه. وكيف لا وهو يساعدني على تأخير التفكير في نفسي.

من السهل جدا على الانسان ان يفلسف الامور وان يرسم لا نهاية من الدوائر والمستطيلات والاوهام، ولكن ما اصعب ان يرسم الواحد منا نفسه!
تسع وعشرون عاما مرت في حياتي ولا زلت اذكر التفاصيل الصغيرة جدا والتي تثيرني الى ابعد الحدود، تثير في انبهارا بالوجود، اشياء صغيرة تختزنها ذاكرتي مثل دفتر مذكرات لمراهقة صغيرة لا تعرف من الحياة الا اسمها.

سأبقى في الذكريات، فهي مساحة حماية، ولا اريد العودة الى الوراء، الوراء مثل هاوية يمكنها ان تبتلع، وفي هذا الموقف اذكر مثلا شعبيا قالته ام صاحبتي: "يا بنية لا تزعلي على طبخة ولا على غسلة!"، فعلا مثل يلخص المأساة النسوية في عالمنا العربي وبكلمات بسيطة غسلة وطبخة!!
اه... لو كان الامر في الطبيخ لحلت المشكلة ولو كانت المصيبة في الغسيل لغسلناها من الاول، ولكن الازمة في القلب، فأين السبيل؟










هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الغاليه شهرزاد
أقرا ما تكتبين وتخطر ببالي ذاتي..فهي تتصور مثلك تماما في هذا الكون..يدفعها الالم والشقاء..لا شك أن وضعيتنا كنساء خاصه للغايه,فنحن "جنس لطيف" في عالم يتبرأ من أنسانيته..ربما كان الالم جزا من واقع كل متأمل منا..لا بد قبوله ومصادقته..
أسلوبك في الكتابه ناضج جدا..وفقك الله