15‏/12‏/2008

سكين ينزف افكارا


الكتابة تجرح. هل تعرفون كيف؟ تكون الكتابة مثل سكين حاد يجرح القلب من أجل اخراج فكرة. وربما تكون الفكرة في نهاية المطاف غير جديرة بالقراءة. ولكنها تجرح بقوة.
الفريسة والصياد
عندما نكتب لا يمكن ان نهرب من المساحات التي يمكن ان تكشفها الكلمات في ذواتنا. وعندما تنكشف هذه المساحات، فانها تتحول الى فريسة وتخضع لعمليات تشريح من جهة كل قارئ. عندما تكتب، فانك تفقد السيطرة على الكلمات وتصبح الرسائل ملكا للقارئ يفسرها كيفما يشاء، وليس لك الا ان تتمنى ان يفهمك القارئ ويشّرح بناءا على رغبتك.


وعندما اطوف بين التدوينات العربية، اجد الاغلبية مبهمة. كلمات جميلة، ولكني ابحث عن المعاني، فلا اجدها في أحيان كثيرة. ويهتم الكثيرون بالنسخ والاقتباس عن آخرين، وليس هذا ممنوعا. ولكن أرى أن في ذلك ضياع لفرصة ذهبية في التعبير عن الذات. ومهما بلغت الصعوبة في التعبير في كلمات واضحة ومعان واضحة، فهذا خير من الغموض والاقتباس.

في المدونات الشابة التي قرأتها، وخاصة من خلال مدونة زيتونتنا (هذه طبعا ليست جملة للترويج والدعاية!) رأيت أقلاما تحملها نفوس تتوق للحرية، شباب يرفض القيود، ويريد عالما أكثر انفتاحا وجمالا. وهذا في حد ذاته جميل. ولكن ما ينقص هو تصوير العالم الذي نريده وتحويله الى افكار قابلة للتطبيق.

لا بأس أن نحلم، لنحلم ماذا نريد أن نكون. لنقل بصراحة ووضوح أننا نريد مجتمعا منفتحا للاختلاف. ولنكتب كيف يمكن ان نصل الى ذلك. لنقل أننا نريد حرية ولنرسم بأقلامنا وأفكارنا هذه الحرية.
وأقول لذاتي الآن: ابحثي عن المرأة واكتبي عنها. قولي أي امرأة تريدين ان تكوني. ابحثي عن أعمق النقاط فيك واكتشفيها.
واقع افتراضي
قال لي محمد وهو شاب في منتصف العشرين من عمره، وهو ينهي هذه السنة تعليمه في جامعة القدس في قرية أبو ديس الفلسطينية المحتلة (وهي تبعد حوالي كيلو متر من البلدة القديمة في القدس ولكنها محاطة بجدارالفصل): سانهي دراستي وسانضم الى موكب العاطلين عن العمل.
قلت له: ما عليك.. احلم بأنك ستجد وظيفة مناسبة.
أجابني: أريد ان اهاجر للغرب. لا مكان لي في وطني. لا عمل هنا ولا امل.
وجدت ان الكلمات تختنق في ذاتي، ماذا يمكنني أن أقول؟ بدت كلمة احلم بائسة وغير معبّرة. فالواقع يفرض ألوانا أخرى للحياة. اما احلم فهي ليست واقع ملموس. أنها واقع افتراضي. مثل الجنة والنار. فهما واقع افتراضي. نؤمن بعمق أنهما موجودان وهما واقع بحد ذاته. ولكن الكثيرين ممن يؤمنون بما يستشعرونه من المادة، فيرون أنهما ليسا إلا خيالا ووهما.

أضع السكين على قلبي وابدأ بالجرح (مجازا)، ولكن لا تخرج أي قطرة أو فكرة اريدها فعلا. حيرتي كبيرة. لا بد انه لا يكفي أن نجرح، بل علينا ان نكون جريئين كفاية من أجل الكشف عن جروحنا. وبينما نحن نتركها تنزف، يتعلم منها كثيرون.




هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

هذا اسلوب ممجوج للترويج لزيتونتنا

نرجو حذف العبارة

شهرزاد يقول...

شكرا غير معرف على التعليق
ولكني كنت اود فعلا تعليقا يخص جوهر الموضوع

بالنسبة للترويج لزيتوتنتنا فهذا لم يكن بالحسبان، بل جدير بالذكر لاني تعرفت على كثير من المدونات من خلالها. وليس عيبا ابدا اننذكر مصدر المعلومة.

ربما تركت الصحافة، لاني اريد الكتابة بلا تحرير.. يعني بلا احذفي هذه العبارة او زيدي تلك العبارة..