12‏/12‏/2008

شهرزاد تضيع


من يعرف كيف تتحول الكلمات الى رمال؟
رمال وشاطئ بحر. ولا يبقى لي سوى التأمل.

لن تغرب شمسك عكا مهما تغّرب ابناؤك
وحين تغرب الشمس، مثل قرص احمر يسقط في بحر عكا، تنفجر الذكريات دفعة واحدة. ويتساقط الحزن مثل مطر. وبينما يزداد ايقاع الدبكة على أنغام موسيقى عالية الصوت، يعلو نداء "رب اغفر لشباب امتي فهم يجهلون". يدبكون ويرقصون، شباب في العشرين وصبايا مثل وردات قطفت قبل الاوان يحاولن لفت الانتباه بكل طريقة ممكنة، باللباس، النظرات ذات المعنى وبدلال رخيص.
"جيل لا يعرف ماذا يريد" صرّحت رفيقتي جيهان ونحن نمشي في زحمة البلدة العتيقة في عكا، وكنا اقتربنا من مسجد الجزار، وهالني ان أرى فتيات متبرجات يدخلن المسجد ويخرجن منه فرادى وزرافات (يعني مجموعات). وصرخ التساؤل في رأسي: ما الذي يحدث؟ هل تحول المسجد الى منتزه ام ماذا؟

يجرى الحديث كثيرا عن تنديس المقدسات الاسلامية مثل المقابر والمساجد على يد اليهود ممن لا يحترمون تاريخ شعب شرد عن ارضه. ولكن ان نقوم نحن بايذاء مساجدنا بهذه الطريقة، فهذا أمر مخجل، بل أكثر من ذلك، إنه يعبر عن فراغ ينبش انيابه فينا.

فراغ ينبش أنيابه فينا
قبل سنة، وفي المسجد الاقصى المبارك، وبعد صلاة عيد الأضحى المبارك، استعجلت امرأة المغادرة، امسكت بها وقلت ان سماع الخطبة من السنة النبوية. لم تهتم، قالت انها تريد زيارة قبر اخيها، فهذه عادة تقوم بها كل عيد، ومن غير الممكن ان تمر عيد دون هذه الزيارة. قلت لها ان زيارة القبور محرمة واذا ارادت ان تدعو لاخيها فيمكنها ان تفعل ذلك دائما وليس في ايام العيد فقط. سكتت المرأة قليلا ثم قالت: اتعرفين ان امي لم تغفل زيارة قبر اخي سنين طويلة؟ حتى ان رجلها كسرت في المقبرة في احد الاعياد الماطرة، وهي تصر على زيارته.

وجدت في هذا فرصة لاقول لها: "انها عبرة لها ولك ايضا...."، ولم تسمع لبقية الجملة حتى سارعت للذهاب.
وبينما كان الإمام غارقا في في خطبته، كانت النساء ينتشرن هنا وهناك، ويعايدن. اما مضمون الخطبة فهو تكرار لا يعبر عن احتياجات الشارع. تحليل سياسي للاحداث التي تبدو وكانها متشابهة ولا تاتي بجديد.
حتى هذه السنة، نفس التصرفات، نفس الخطبة وكاننا ندور حول أنفسنا.

صراع.. خيارين.. وعشرات الهويات
عندما استفاقت شهرزاد من سباتها الطويل، كانت لا تزال تفكر في اخيار واحد من شيئين: ان تكون جزءا من المنظومة الاجتماعية بكل سلبياتها وقليل ايجابياتها، واما ان تبقى كما هي خارج المكان وخارج الزمان، وان تفعل ما تراه مناسبا.ولا يزال الاختيار صعبا، فيما الفجوة تزيد.
في فلسطين الهوية مرتبطة بالمكان، هوية المكان تؤثر على هوية الفرد، نظرته إلى الأمور وإلى ذاته محكومة بالمكان الذي يعيش فيه. عندما نقول الجليل، المثلث، الضفة الغربية، القدس، غزة والنقب ومدن الساحل نجد وفرة في الهويات المحلية وربما نجد العصبية للقرية أو المدينة على حساب هوية جماعية. بينما هجمة شرسة لا يمكن تجاهلها تأتينا من الاسرائيليين صناع قرار وجمهور، هم كأنهم واحد، ونحن كأننا فتات لواحد...

اشعر الان بحاجة للتوقف والتفكير قليلا قبل السير مجددا.

هناك تعليق واحد:

MY يقول...

هذه التفاتة سريعة, التفاتة تلوي الأعناق حقا!

و لي عودة! كوني بخير