26‏/11‏/2008

عو .. رواية تنتقد علاقة المثقف بالجنرال في العالم العربي

اعجبتني مقولة رافقت الصورة اعلاه:" ورقصت على جثث الاسود كلاب"


تفاجئني روايات الكاتب ابراهيم نصر الله بواقعيتها. قصص تستطيع تشريح الوضع العربي بدقة. انهيت اليوم قراءة رواية "عو". الرواية التي صاحبتني في تنقلاتي الكثيرة في الاونة الاخيرة. تستغربون! نعم اسم الرواية "عو" وفيها الكثير من العواء في الفراغ.
ضحك كل من سمع عن الرواية. قلت لهم انتظروا ففيها ما تعلمون وما لا تعلمون. تتحرك فيها الاحداث بين الخيال والواقع. وبين تهيئات كاتب قصص، اسمه احمد الصافي، الذي أثر بكلماته واسلوبه على اجيال شابة كانت تتعطش للحقيقة الساطعة الناصعة في ظلام الظلم والقهر.
يكتشف احمد الصافي على انه اصبح عكرا لانه شرى نفسه بدراهم معدودة ومنصب رئيس تحرير جريدة تطبل باسم الجنرال. ومن يكون الجنرال هذا؟ انه رجل يعتبر نفسه اله المدينة. رجل يعرف كل شيئ ومستعد لقتل كل شيء من اجل سطوته.
ويشارك في الرواية كل من فتنة، زوجة احمد، وهي فعلا فاتنة الا انها تنام طويلا وبعمق، بينما يتعرى زوجها في الحمام ليكتشف ان جلده قد غطاه الحبر الاسود.
صراع بين الابيض والاسود. وفي النهاية ينتصر الاسود، ويتوحد الصافي-العكر مع كلب الجنرال في مشهد قل ان نجده في روايتنا العربية. ينفلت الكلب من قيده ويركض بعيدا عن الجنرال ليحل مكانه الصافي-العكر.
وفي روايته "طفل اليلة الفائته" يعرض الصافي العلاقة التي يريدها بين المواطن والسلطة. البطل فيها يتحدى التعذيب في التحقيق من اجل هدف سام. سعد، شاب في التاسعة عشر من عمره يلتقط القصة ويريد ان يكون طفل الليلة فيقوم مع شبان غيره بعملية عسكرية ضد معكسر اسرائيلي وتنجح العملية. ويدخل سعد السجن ليعذبه "الانيق"، وهو محقق يهوى العنف والسادية.

تدخل الرواية العالم العربي وتنتقده باسلوب ساخر وجريء وتطرح علاقة المثقف برجل الامن. ومن الممتع جدا الدخول في تفاصيلها لمعرفة كيف يفكر جنرالات العالم العربي وكيف يرون انه لا بد احيانا من نقدهم امام الراي العام من اجل نزاهتهم.

في هذا المقال، اريد فقط ان اطرح الاطار العام للرواية ولا اريد الخوض في التفاصيل، حتى لا يفقد القارئ متعة القراءة.

بالمقارنة مع مسلسل "رسائل الحب والحرب" للكاتبة ريم حنا التي جعلت في النهاية الجنرال السوري بطلا في حرب لبنان 1982 وهي حرب لم يشارك فيها، بل خطف قبل بدءها حتى لا يتحمل مسؤولية الخسارة. فان رواية "عو" تجعل من الجنرال فارا امام الاخر الامريكي والاسرائيلي. فها هو يفكر في كتابة رسالة اعتذار عن العملية العسكرية التي قامت رغما عنه، ويريد لهذه الرسالة ان تفهم من الجانب الاسرائيلي، حيث انه لا يريد حربا لا يستطيعها معه. ويكتشف الجنرال عند محاولته الكتابة انه لا يعرفها، بل ويحسد الصافي على قدرته عليها.

وفي النهاية يصبح الكل في هذه المدينة كلابا يحرسهم جنرالهم. فاي مدينة هذه؟ لكن الرواية تدخل التفاصيل مرة اخرى لتتحدث عن الكتاب الجدد، الجيل الشاب الذي يكتب رغما عن القيود، وفي السجن تكبر مقاومة سعد لانه يقرأ اكثر.