21‏/11‏/2008

نور في كثير من الظلمة


نورحبيبتي... أنت تغيرين حياتي في هذه اللحظات. ربما انت لا تعلمين، وربما لن تعرفي كيف تمتلأ عيناك بكل الحزن وانت تنظرين وكيف تخرج تنهيدة من اعماقك قوية عاصفة وحزينة. انت لا تعرفين كيف تتحول كل حركة منك الى انهار من دمع تجري في قلبي. آآآآه.. كيف يحدث كل هذا لطفلة لم تبلغ الاربع سنين.

نور طفلة ليست ككل الاطفال. طفلة تعاني. طفلة بالكاد تتحدث. صوتها يخرج مبحوحا. واذا ضحكت نور، لا صوت لضحكتها. ابتسامتها الجميلة مثل وردة تتفتح. وحزنها تقطبية غريبة ما بين الجفون، تثير في من يراها اعاصير من حزن لا مدى لها.

نور طفلة ولدت لإمرأة مطلقة حرمت من أطفالها، وتزوجت حتى لا تأكلها أعين الناس في مجتمع لا يرحم. وبدلا من أن تمنح الطفلة الصغيرة الحنان، فإنها تضربها لانها بنت. الأم تزج بكل غضبها على حياتها في لكمات للطفلة وباقي اخوانها. احدهم شكى من محاولة امه خنقه في موجة غضب. والاب رجل مطلق ايضا، فشل في حياته الزوجية السابقة، وهو يتمسح في نساءه مثل قطة. قطة شاخت وتبحث عن بيت.

وفجأة وبدون سابق انذار اجد نور أمامي، تبكي فجأة وتضحك فجأة. الاعبها وقلبي يمتلئ بالحزن. لك الله يا نور. انت قوية وستتغلبين على الحزن ان شاء الله. سمعنا معا قصة ورسمت خطوطا يا نور متداخلة مثل تشابك حياتك، ولكنك اخترت الالوان البهيجة. ليت حياتك تكون سعيدة.

نور...اعرف انك تشعرين الان بالسعادة وانت تتناولين وجبة العشاء الدافئة وربما ستذهبين الى النوم بعد لحظات وانت تحلمين بالوقت الجميل الذي عشته اليوم. ولكن غدا ستصحين على واقعك.
وللاسف انا لن اكون معك. ولكن الله معك. يا رب لا تذرها وحيدة بائسة. ربي كن معها ومع كل اشقياء هذا العالم الذين فقدوا الحنان في طفولتهم وسيبحثون عنه حتى رحيلهم الى قبورهم.


تعدد النساء في البيوت وغيابهن عن صفحات التاريخ

البارحة سألتني الصحافية البريطانية عن زواج الرجل المسلم من اربع نساء. فتحت القران الكريم وقرات لها الايات الاربع الاولى من سورة النساء. وقلت لها ان الزواج من اربع جاء ليحمي النساء وليس ليظلمهن. حيث يضمن اطارا حلالا للمرأة حتى تمارس علاقة شرعية مع الرجل حتى ولو كانت الثانية او الثالثة او الرابعة، فهذا افضل من لا شيء. كما ان على الرجل ان يعدل بين نساءه، فإن عجز فعليه ان يكتفي بواحدة. كما ان الزواج المتعدد يمكن ان يحل مشاكل زوجية في حالة ان الطرفين لا يزالان يريدان البقاء على اطار الزواج. قلت كل هذا وكانت الصحافية صامتة. لم أسالها عن مدى قناعتها فيما قلت (ربما وجب عليّ ذلك) ودخلنا في موضوع اخر.

وعندما حدثت احدى صديقاتي بالامر، نظرت اليّ نظرة فهمت منها أنها لا توافقني الرأي وأضافت: هذه نظرية فقط، انت لا تعرفين ماذا يعني ان يهجر رجل امرأته الى أخرى.

سألت نفسي: كيف كانت تعيش نساء القرون الماضية ضمن اطار التعدد. وبما ان هذا الموضوع لم يطرح سابقا، فأنا لا اعرف اين يمكن ان اجد اجابتي. هل في كتب التاريخ مثلا؟ هل في مقدمة ابن خلدون سأجد شيئا عن حياة المسلمات اليومية؟
في تاريخنا مسحت نساء كثيرات عن خارطة الأحداث. كتب التاريخ رجال ظنوا ان وجود النساء مفهوم ضمنا. ولكننا اليوم ندفع ثمن هذا الخطأ. نريد نساءا في كتب التاريخ، ليس لأني "نسوية" وضد الرجال. ولكن تجارب النساء وحياتهن هام جدا في صنع الحاضر والمستقبل. نريد نساءا ليكونوا الهاما لنا في صنع الحاضر الذي منه ننطلق الى المستقبل القريب والبعيد.
ليس هذا خطابا سياسيا او اجتماعيا... انه حاجة ماسة.