10‏/09‏/2008

سنة أولى ضياع

سنة أولى ضياع


في الفترة الاخيرة استمعت الى قصص عدة طالبات في الجامعة العبرية في القدس حول معركة تعليمهن الاكاديمي في جامعة تقدّس الانا وتهمش الآخر. فما بالكم في آخر تعتبره عدوا وطابورا خامسا وسادسا وسابعا.


هذه التجارب تعكس نمو الجيل الجديد في فلسطين الداخل او ما يسمونها إقليميا ودوليا إسرائيل. بعد هزيمة 1948، ولا اسميها نكبة لأني لم اعد أؤمن بزمن الضحايا والكوارث والمؤامرات، ولا أحمّل الفلسطينيين، العرب والمسلمين فوق طاقتهم، ولكني أومن بالواقعية وأن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


ولنعد إلى الجيل الجديد، ربما هو الثالث أو الرابع من قبل ومن بعد، ولكنه يحاول أن يجد لنفسه هوية واضحة المعالم، ولم تعد عبارة: "أنا لا أعرف من انا؟" تلبي الاحتياج المطلوب في التعبير عن الذات ومجموعة الإنتماء.


وتعكس تجارب الصبايا تخبط هذا الجيل، حيث البحث عن مكان وسط زحمة الثقافة الغربية ووسط الرموز اليهودية والصهيونية في كل زاوية وركن من الجامعة. وتلعب اللغة هنا دورا في ابراز الصدمة من كل ما هو موجود في هذا الحيّز. حيث تسقط الكلمات ولا تعبر كفاية عن التساؤلات، وتسقط معها أعوام من بناء الذات.



وفي هذه الامواج يكون الهرب أجمل هرب، ويتخذ أشكالا عدة منها الظاهر ومنها الباطن. ولا أخفيكم أني هربت نفسيا على الأقل سنة كاملة لم أحضر فيها حصة ولم اقدم فيها امتحانا، وكانت زياراتي للجامعة من باب رفع العتب. أردت اكتشاف القدس والتعلم من جامعة الحياة، وعلى درجات باب العامود المؤدي الى البلدة القديمة عرفت الصراع الذي نعيشه أكثر مما عرفته من كتب المتفلسفين والمستشرقين.


واكدت الطالبات،التي تنهي احداهن تعليمها في الجامعة لتنتقل إلى جامعة أخرى بعد ان ملّت هذا النوع من التخبط والصراع، على الشعور بالغربة في هذا الخضم و"أننا كشباب لا نتحدث عن مخاوفنا فتبقى في نفوسنا لتسيطر عليها". وتضيف: "لم نتعود على التعبير ولم نتعود على التعلم من التجارب السلبية. عرفت مؤخرا فقط أنه لا يوجد فشل، بل دائما نتعلم من التجارب التي لا نرضى عنها. وأحاول في جامعتي الجديدة أن أبدأ من جديد".


وطالبة أخر، تغيّر موضوع تعليمها للمرة الرابعة تشكو من عدم التوجيه العلمي والنفسي للطلاب الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية والغربية، حيث يختار معظم الطلاب دراستهم بناءا على أحلام وتوقعات أهلهم وليس بناءا على ما يطلبونه لأنفسهم. وهذه المعايير تسقط عندما يدرك الطالب او الطالبة أن ليس بقادر على ان يحقق هذه الفانتازيا.


والقصص تطول والتجارب لا تنتهي. ولكن زبدة الحديث ان التجربة وان كانت "فاشلة" فهي خير من لا شيئ. والمهم ان نكون واعين لاختيارتنا، وليس خطأ ان نستشير ونسمع اكثر من صوت قبل ان نقرر.





هناك تعليقان (2):

ياسينة يقول...

السلام عليكم

شوي شوي علينا يا بنت.. بطلنا نلحق.. معك مواضيع.. عن جد فاجأتيني..

ولكنني هذه المرة الاولى ارد لان موضوعك هذا اكثر من استثارني للرد..

جميل ..شفاف.. وامل فعلا العبر التي قلتها لا يمارسها ابناءنا شعاراتيا انما يعيشونه ومقتنعون به تمام الاقتناع بحيث يشكل مصدرا للراحة النفسية لا للهرب ولان نعزي انفسنا امام الاخرين عندما نسأل السؤال فلا نعرف كيف نجيب..

سلمت وسلمت مدونتك العامرة بالحياة..

شهرزاد يقول...

لا يا شيخة
اخجلتمونا
وكأيننا نكتب لاول مرة
ولسة البلاوي على الطريق...