11‏/09‏/2008

لماذا نجعل الله أهون الناظرين إلينا؟


يشغل بالي في الآونة الاخيرة تساؤل: "لماذا نجعل الله أهون الناظرين إلينا؟"، لو كنا نستشعر رقابة الله علينا، لما أتينا بكل هذه المعاصي والذنوب. استعمل هنا ضمير نحن، لأني لا أتحدث عن مشكلة فردية عند شخص أو فئة صغيرة، بل عند مجتمع إنساني كامل، ثقافته مبنية على مصلحة الذات فقط. هذا المجتمع يستهلك ثقافة الفردية والرأسمالية يوميا ويشربها صباحا ومساءا من خلال وسائل الإتصال والإعلام والإعلان.

الملكية الوهمية والرقابة الإلهية

لنبدأ من البيئة التي نعيش بها قبل الدخول في خفايا الناس. الطبيعة التي تفسد كل يوم، والتي ينادي حماة البيئة بوقف إنتهاك حياة الشجر والبحر، الحيوان والحجر.

نعم، لا نحترم البيئة ولا المخلوقات فيها ونعتبرها ملكا شخصيا لنا ما دمنا نملك ثمن شراءها وبيعها. هذه هي ثقافة الرأسمالية وما قبلها وما بعدها. فالمستهلك يستطيع ان يفعل أي شيء بالمواد التي اشتراها بماله، ويشمل هذا الإسراف والتبذير في الأكل والملبس واستعمال السيارة وغيرها. وأيضا صاحب رأس المال يستطيع أن يقتل الحياة في غابة كاملة او في شاطئ بحر، ما دام قد اشترى قطعة الأرض هذه، واشترى معها ضمائر اصحاب القرار في بلده.

واسلامنا ماذا يقول لنا؟ إسلامنا يرفض هذا المبدأ ويعتبره خرابا وفسادا في الأرض، وفي نفس الوقت يوّحد الإسلام بيننا وبين مخلوقات الله، فكلنا عباد لله، وهذه المخلوقات تعبد الله تماما مثلنا، ولذلك علينا المحافظة عليها.

ويعكس هذا الفساد في الطبيعة أيضا الفساد في القيم الاجتماعية. حيث القوانين الوضعية التي تناسب مصالح فئات من المجتمعات. وأيضا ما يسمى بالرقابة فهي مبنية على المصالح وهي مؤقته.

وفي هذا السياق الذي يعطي الإنسان الحق في ملكية الأرض وفي التصرف بما عليها وفق اهواءه، فإنه يلغي من حساباته كون الله تعالى هو الخالق لكل هذه الطبيعة وهذا الكون وهو المالك الحقيقي له، وأن على الإنسان العمل بما أمره الله به والذي يصب في بقاء الكون.

وهنا تتحول ثقافة الملكية الوهمية، التي تنشرها وسائل الإعلام وتعتبرها قيمة إيجابية، إلى أقفال على قلوب البشر وإلى غشاوة على اعينهم، فلا يرون الله ولا يستشعرون مراقبته. وإذا بطل السبب، أي إذا اقتنع الناس بان ما في أيديهم هو أمانة من الله وعليهم أن يعطوها حقها، فإنهم سوف يشعرون بواجب الحفاظ على هذه الإمانة. وتصبح مراقبتهم الذاتية لاعمالهم جزءا من شعورهم بمراقبة الله لهم.

وماذا عن الخوف من الله؟

وهناك أمر آخر يتعلق بالخوف من عقاب الله في حالة المعصية. فهناك من يتوقع ردا الهيا مباشرا على معاصي البشر وعندما لا يراه، تهون المعصية في عين قلبه ويسقط إعتبار مراقبة الله منه. وهناك من يكون أمله في الله كبير، فيلهيه أمله ولا يسارع إلى التوبة إلى الله، على أساس أن الله تواب رحيم، ويتانسى أن الله شديد العقاب.

ولا زلت أفكر كثيرا في عقاب الله وفي الخوف من الله والامل في الله وبالمقابل في مراقبة الله. فهل نحن فعلا نرى عقاب الله؟ أليس ما يصيب أمتنا من انتكاسات ومصائب في مشارق الأرض ومغاربها إشارات إلى عقاب الله على معاصينا؟؟ ام أننا نريد ان تقع مصيبة في بيوتنا وفي أنفسنا حتى نستشعر هذا العقاب فنعطي الرقابة حقها؟ واتسائل: حتى ولو وقعت المصيبة فينا... فهل سنراها؟؟



هناك تعليقان (2):

Dua Masatwa يقول...

أقف مشدوهة بكل هذا الألق ِ الذي يتناثر هنا وأراه ُ للمرة ِ الأولى !!

شهرزاد :) !

مدونتك راااائعة ^^

سأضيفها الى مدونتي :)

شهرزاد يقول...

اهلا بك يا فراشة
يمكن ان ردي جاء متاخرا بضع سنوات
اشكرك واتمنى ان تاتي دائما الى هنا
ش.س.