02‏/09‏/2008

فنجان قهوة


عم تتحدث النساء لما يلتقين؟ سؤال قد يراود الكثيرين من الرجال. واليكم هذه الإجابة غير المفاجئة: إنهن يتحدثن عن أنفسهن من خلال علاقتهن بالرجال. فالعلاقة مع الآخر، تشغل ذهن الكثيرات من نساء هذا العصر. ولماذا؟ لأن نوعية هذه العلاقة تحدد أيضا هوية المرأة ومكانها في حياتها الشخصية وفي المجتمع.
كان الهواء منعشا في البلدة القديمة في القدس، وكانت الشمس تميل الى الغروب، اما الازقة القديمة فكانت معتمة بسبب انقطاع الكهرباء عنها لفترة. انكمشت حاني على نفسها وقالت:
- اين تأخذينني في هذه العتمة؟
- "لا تقلقي". أجبت بمرح وقلت: "لا تخافي، على الرغم من العتمة فلن يحدث شيء. ليس هذا مكانا مناسبا للخطف والاغتصاب!!".
كنا نتجول باحثتين عن مقهى للجلوس فيه. فلا أفضل من مقهى لسرد السيرة الذاتية. وعندما جلسنا طلبت سريعا عصير الرمان قائلة انه "ينعش القلب!!". أما حاني، وهي يهودية أعمل معها في نفس الجمعية أتمت جملة قالتها: " في داخل كل إمراة تعابير عن النقص. هذه التعابير مثل الاشباح. فإذا جاء رجل وايقظها فهذا دليل على انه ليس الرجل المناسب".
وهكذا نتحول إلى نساء نحمل في داخلنا أشباحا. وهذه الاشباح عبارة عن الأوهام والتهيؤات والمحددات التي كتبها المجتمع الذكوري علينا وايضا كتبناها على انفسنا.
حاني تشعر بالوحدة. وهذا أمر طبيعي. من الصعب أن تجد محامية شابة على قدر كبير من الذكاء والإحساس بما حولها رجلا. وفي هذه الأثناء فكرت بالتهديد الذي سيصاب به الرجل عندما تناقشه إمراة ذات رأي، وشعرت بحمق الرجال!!
اكتشفت وانا اعرض عليها شبانا أعرفهم من الاسرائيليين، انني اعرف الكثير من الاصناف من خلال دراستي في الجامعة العبرية. احدهم صهيوني حتى النخاع قلت لها، والاخر يهودي شرقي حانق على كبته من المجتمع الذي يسيطر عليه اليهود الغربيين. وهناك فتاة أعرفها تزوجت مستوطنا من غوش عتصيون بعد أن تحول من حياة المستوطنات المتطرفة الى حياة تل ابيب اللامبالية والتي تتصنع السلم. فربما كان له صديق يريد أن يتحول. قالت لي: انها غير متحمسة لأي أحد فيهم.
صاحب المقهى كان يختلس النظر وهو في حالة استغراب. ولم يستطع ان يخفي حيرته من وجود شابتين واحدة يهودية والثانية مسلمة ذات لبس شرعي في مكان واحد.
وفي طريق العودة وبينما أخذنا طريقنا إلى باب العامود قالت: اشعر بأني كائن غريب في هذه الأزقة. لا أتلائم مع جوها وطبيعتها. سالتها ان كانت تريد ان تكون اسرائيلية أو فلسطينية لو كتب لها القرار في ذلك. قالت و بسرعة: بالطبع اسرائيلية. أجبتها: إنك تتمتعين من كونك اسرائيلية. وكانت اجابتها: نعم. ولكن تفرض علي سياسة لا اريدها. وكانت تعني سياسة الاحتلال.

هناك تعليق واحد:

من هنا يقول...

كم هو غريب هذه المشهد !!! صبيتان تتأملان أزقتا وبائع عصير وتتبادلان أطراف الحديث , وبعض كلام الفلسفة , ويستغرب البائع هذا المشهد ؟! هذا بلد غريب , امتلأ بكل أشكال التناقضات , حتى أننا صرنا التناقض نفسه , وأصبح الإنسان الواحد إنسانين : هو وهو أو أنا وأنا. , هي و هي, أنت وأنت أما نحن فلا يوجد غير واحدة
وهكذا يعم التشاؤم , واللجوء إلي الغيبيات , والافتراضات المبنية على تجارب محدودة , ويصبح الحكم على الناس ظالما , ولا ندرك أن الخير والشر موجودان ولكن نحن من نستطيع أن نفنطهما ومن ثم نميز ونختار.

القدس هي مدينة ليست لأحد هي فقط لمن يحميها ويبقيها قدسا , ومن يجد نفسه غريبا عليها فهذا لانه فعلا غريب فهي لا تشبه شوارع ألمانيا ولا روسيا ولا حتى شوارع المغرب حتى شكل الناس مختلف وطريقة كلامهم كذلك .

ولصديقتك هذه القصة
التقى رجل وفيلسوف كان الرجل حزينا ولما ساله رفيقه عن سبب حزنه , قال الرجل خرجت يوما للصيد وقتلت غزالا صغير ففاحت منه رائحة الحليب , نظرت امامي فكانت امه تنظر الي فشعرت بالحزن ولا ادري كيف اخرج منه
قال الفيلسوف : اتريد ان اجيبك كما لو كنت انا انت ام انا من يجب
ان كنت انا انت فلا تحزن فانت من اراد الصيد .
اما انا فاقول لك لمذا ذهب الي الغابة حيث هي ليست مكانك , ولا يحق لك ان تشعر وكانك انساني , وان الظروف هي التي تجبرك على فعل ما فعلت

من هنا