15‏/10‏/2011

سؤال حول رواية ذاكرة الماء

هل يمكن فعلا ان يحاور مسلم شيوعيا او ملحدا؟ هل يمكن ان يلتقيا عند نقطة ما؟ هل يمكن مثلا أن يصلا إلى ائتلاف ضد الفساد؟ هل يمكن لي كمسلمة أن أتعاطف مع مأساة شيوعي حتى النخاع يسخر من الله، ويطلب منه ان ينساه قليلا، حتى يتم نحت تماثيل ليضعها في كل مدن الجزائر كرمز للتنور والحضارة؟
ثم ماذا يحصل لهذا الشيوعي، الذي ينعت نفسه بالمتنور الفنان المثقف؟ يذبح على يد من يقولون أنهم مسلمون ثم تغتصب صديقته. ويصبح هذا المتنور، يصبح نبيا في رواية "ذاكرة الماء" للكاتب الجزائري واسيني الأعرج.
يصل الأعرج بدوره الى نتيجة وهي أنه لا مجال للحوار مع المتوحشين من السلفيين والمسلمين، كل ما يتعلق بالاسلام في نظره نبت من الجهل والفراغ والفساد، الصورة الاسلامية مزيفة يستعملها الحاكم او السلطة مثل ورق تين لتغطية عوراته وزيادة مكاسبه. هم هم هم ، هكذا يصفهم ويرمي عليهم حقده واحتقاره. اما هو، فضحية للفساد السلطوي والفاشية الدينية والقراصنة الاتراك.
ذاكرته من ماء، فعلا من ماء، انتقائية جدا، يصل الى الاتراك ولا يذكر الاستعمار الفرنسي لاكثر من 150 عاما وهو يطمس لغته ومعالم وجهه، يهرب الى حضن باريس باعتبارها مثلا للنور والامان.
انسلاخ واي انسلاخ.

اعود واتسائل: هل فعلا من يتحدث هو انسان نبت وعاش في ظل الاسلام؟ وما هو الاسلام الذي عاشه وعرفه؟ هل حاول فعلا ان يعرف الله الذي يشتمه ويحتقره؟
هل فعلا يمكنني ان ادعوه الى الاسلام ام فاليسقط الى الجحيم والى خوفه وفراغه؟
كثيرون مثله عاشوا في ظل الاسلام لا يعرفون عنه شيئا، او لا يريدون، يستكبرون عن عبادة الرحمن، الكل في دائرة الانتقاد والتجريح عداهم. الكل متوحش وهم النعاج الابرياء الذين يرون في الزنى حبا وفي الخمر ملهاة للروح.

هم المرجفون في المدينة وفي كل المدن، يسمون انفسهم بالمثقفين، ولكن ما هي ثقافتهم بالضبط؟ ما هي مبادئهم واولوياتهم؟ ماذا يريدون؟ يكتبون ويجدون كل المنابر مفتوحة لهم ويتباكون. ثم ماذا يريدون "اسلاما حضاريا" مفرغا من ذاته، اسلاما صنميا شعريا غاويا.

يعرفون الله وينكرونه، على مدى صفحات الرواية يذكر الله في مواقع عديدة، ولكنه ليس بذات الله الذي اعرفه، الههم انفسهم، وحينما شعروا بخطر الذبح بدأوا بالعواء. ومن الطرف المقابل: فعلا اريد ان اعرف عن من يدعون الاسلام ويذبحون، كيف بدأوا؟ ومن أين أتوا؟ هل هذا هو الاسلام؟
اسلامي لا يقتل بهذه الطريقة. الاسلام الذي اعرفه يحاور، ويدعو الى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وخاصة في بلد يكثر فيها الابتداع، من يريد ان يكون مسلما عليه ان يكون مقتنعا بطريقه، لا خائفا على رقبته، ففي النهاية لا نريد اعدادا من المسلمين المنافقين بين اواسطنا، بل مسلمين سلموا انفسهم لله وحده.

ليست هناك تعليقات: