26‏/07‏/2009

سرب من نساء




كيف يمكن لامرأة في هذا الزمان ان تفتح فمها لتقول الحقيقة عن نفسها وعن الرجل وعنهما معا؟ كيف لها ذلك وهي أسيرة ثقافة لا تؤيد قول الحقيقة حول اي شيئ؟ ثقافة زمان يؤيد النفاق، زمن فيه الظاهر غير الباطن، والباطن غير الظاهر.
امراة شرقية غربية
انا اتحدث عن عولمة، وقيم معولمة. لا اتوجه فقط نحو المرأة العربية المسلمة ولا الافريقية ولا الاسيوية التي خضعت مع الرجل لاعوام وقرون من الاستعباد والاستعمار. انما اتوجه الى المرأة الغربية البيضاء البرجوازية واقول: لا تظني نفسك خارج القيد بل انت فيه وانت لا تعلمين. وعليك ان تبدأي بالنهوض والنظر اولا وقبل كل شيئ في المرآة: انظري الى جسدك جيدا الذي اصبح سلعة، وانظري الى روحك ومشاعرك التي اصبحت هي ايضا سلعة. وتسائلي: هل فقدت ذاتي؟
وانت ايتها المرأة الشرقية العربية المسلمة التي تخلت عن تراثها ودينها وسارت في ركب غيرها: انظري الى نفسك جيدا في المرآة وقبل ان تقيسي ثوبك المزركش القصير اسالي نفسك: ماذا بقي من ملامحي؟ هل أنا أنا؟ هل فقدت نفسي؟
قلت يوما لمجموعة من النساء الهولنديات، جميلات وانيقات، وكن يسأللني عن الاسلام وحرية المرأة، قلت لهن: حان الوقت لتتحررن من قيودن، حان الوقت لتصنعن شيئا مع انفسكن. جريتن طويلا وراء الموضة، وحان الوقت لتصبحن انفسكن. ولم اتلق اجابة. نظرن اليّ وربما توقعن مني ان ادافع عن المرأة في الاسلام. وكنت اتوقع من نفسي اجوبة اخرى، ولكن السياق فرض نفسه ولست نادمة.

الطامة الصغرى واخرى كبرى
في احد الحواجز العسكرية بالقرب من بيت لحم، رفضت يوما التفتيش القسري بالنزول من الباص. جاءتني جندية تصرخ في وجهي وعلت اصواتنا في الباص، ورفضت ان "تحرر" الباص من قبضتها حتى انزل منه شخصيا. وشخصيا نزلت من الباص، وعلت اصواتنا مرة اخرى، هي تقول ان علي ان اطيع الاوامر، وانا اقول: لا اطيع اوامر مهينة. هي تصرخ وانا اصرخ. والكل ينظر حولنا، الجنود والركاب وحتى سائق الباص. كان الموقف غريبا، لم اخطط له. شعرت بشحنات من الاهانات تنزلق من عقلي الباطن وترفض الاستقرار هناك. اردت ان يعلو صراخي وقلت كل ما تعملونه غير مقبول. قلت بصوت عال ارفض الاهانة.
وكل هذا الموقف كان بين 5 و 10 دقائق. دخلت الباص مرة اخرى في حالة حنق. وكانت الجندية تصرخ بينما مضى الباص في طريقه. الطامة الكبرى كانت في شماتة احدى النسوة الفلسطينيات اللاتي كانت في الباص، وكانت تقول لصاحبتها:" بتفكر انو على راسها ريشة، بس في الاخر الجندية نزلتها من الباص" وضحكت.
شعرت بالارض تدور من حولي، لم اكن راضية عن صراخي ولا يزال هذا الصراخ والغضب يصرخان في داخلي ويبحثان عن حل. ولكن الشماتة من بنت جلدتي والله قصمت ظهري!

سرب من نساء ورجل
يقول لي شاي، يهودي ابيض محتل، هكذا يعرف نفسه: عندما ينظر اليهودي الاسرائيلي الى امراة محجبة يفكر في نفسه انها اظهر منه واكثر اخلاقية. ولكن الخوف يطوله وهو يفكر انها تخفي متفجرات تحت جلبابها.
ولكن كيف ينظر الى الفلسطينية المتبرجة؟
- ينظر اليها على انها قريبة بعيدة عنه. فهي قريبة لانها "غربيّة" اللباس ويمكن ان تجذبه، ولكنها تبقى في النهاية آخر يختلف عنه ولا يستطيع الوصول اليه.
تقول صديقتي مها عن هذه المحادثة: يا ليت لو تعلم المتبرجات ما في هذا القول من انتقاص لانوثتهن!

هناك 3 تعليقات:

ميساء أحمد يقول...

اشتقت الى قصص مغامراتك وتعنتك على هؤلاء المتعجرفين..

دمت وكتاباتك المتألقة بتألق!

Gihad N. Sohsah يقول...

الموضوع رائع

واسلوبك انت .. أكثر من رائع
----
دمتي بخير

غير معرف يقول...

صانعة الاحلام
لا نقول : "دمتا بخير" , ولذا لا نقول : "دمتي بخير" بل "دمتِ بخير"