29‏/05‏/2009

شهرزاد تبحث عن بيتها


شهرزاد تبحث عن وجه لها..
زمن طويل فارقت فيه كلماتي، ولكنها لم تفارقني. أفكاري ترفض أن تتركني وتريدني ان اعلن عنها.
ولكن ماذا سيكون اعلاني في هذه اللحظة؟ وهل سأكون جريئة كفاية من أجل الافصاح عن مكنوناتي؟
ولكن..

عندما تفرض الكتابة ذاتها لا بد لي من الاستجابة.. والا فلن اكون كما اريد ان اكون.. ان اكون شهرزاد التي تحكي القصص حتى تعيش. المرأة التي تحكي وتعبّر عن ثقافة زمنها من اجل ان تعيش وان تكون في زمن القصص الرديئة.
شهرزاد كانت تقرأ وتحكي.. اما أنا فقليلا ما أقرأ بالنسبة لها، ولكني كثيرا ما اتعلم من حكايا الناس حولي ومن تجربتي الشخصية.
احاول ان استدعي شهرزادي في هذه اللحظة. شهرزاد التي ترفض ان تموت قبل ان تقول كلمتها الاخيرة وقبل قبل الاخيرة.


بين تحليل الخطاب وتحليل الذات
بدأت مأساتي عندما حضرت محاضرة عن العلاقة بين اثيوبيا والصومال في الجامعة العبرية في القدس قبل حوالي الشهر. كان المحاضر الاسرائيلي يفخر بما توصل اليه من معلومات جمعها حول تحطم هذه العلاقة التي كانت تربط العالم الاسلامي بالحبشة التي استضافت المهاجرين الاوائل قبل حوالي 1400 عام. وتحطمت بغزو الحبشة للصومال ، بعد ان خلعت رداءها المسيحي لتلبس رداء "اللبيرالية" وتصبح من جند العالم الغربي في السبعينات من القرن الماضي.

ما الذي يحدث؟ تساءلت بحرقة من لا يعرف الا القليل القليل عن تاريخ الصومال. والاكثر من ذلك تساءلت عن "نحن" الامة الاسلامية وطريقة تعاملنا مع هذا الغزو.

كان المحاضر الاسرائيلي يقارب بين اثيوبيا المسيحية في افريقيا وبين اسرائيل اليهودية في اسيا، وكلاهما وسط بحر من المسلمين "المتعصبين"، بينما هاتان الدولتان تحملان مشعل اللبيرالية وحرية التعبير!
ولا عجب ان تتحول اثيوبيا، بمجرد مقارنتها باسرائيل، الى "ضحية" عليها ان تدافع عن نفسها ولو كان ذلك باحتلال الصومال او باجزاء منه واشعال نار الحرب فيه.
كان المحاضر يحلل التعابير والمصطلحات التي استعملها العالم الاسلامي في وصف اثيوبيا وغزوها وتشبيهه بغزو ابرهمة الاشرم لمكة في عام الفيل.

وفي الوقت ذاته كنت احلل التعابير والمصطلحات التي كان يستعملها من اجل مقاربة اثيوبيا لاسرائيل وخلق واقع مشابه لهما، ويمكن لهذا الواقع ان يزيد من مصلحة كل منهما في التحالف مع الاخرى.

وليس غريبا في عالمنا الذي تجتاحه وسائل الاعلام والاكاديميات المنحازة الى تحليل الخطاب الذي يستعمله كل طرف في الصراع من اجل استخلاص مواقفه.
ولا اريد ان اقف عند هذا الحد.. بل انه من المطلوب والحتمي علينا كأمة مسلمة تحليل الخطاب الاخر، المعادي الخارجي، من اجل ان نفكك ونهدم حجته.


هروب جديد
ها هي شهرزاد المرأة تهرب مني مرة اخرى، لتقلع في عالم السياسة والحدود ومعارك الملوك والشعوب. وفي لحظة يغيب طيفها الحزين ويعلن عن ميلاد لثورة جديدة.


ليست هناك تعليقات: