02‏/09‏/2008

تجربتي: الحجاب والولادة من جديد




الحجاب والموقف السياسي

قبل سبع سنوات ومع تزايد الهجمات ضد الإسلام والمسلمين ومع تفاقم الصراع على أرض فلسطين، جاءت انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في ظل عدم طرح بديل سياسي عادل وصمت عربي وإسلامي مثير للاشمئزاز. وقتها جاء قراري بارتداء الحجاب. نعم الحجاب الإسلامي للتعبير عن هويتي وموقفي من الصراع. كانت خطوة للتعبير عن موقف سياسي بحت. أصيب من كان حولي بالدهشة وربما بالصدمة.
وجاء سقوط الحجاب بعد عشر أشهر من "الصدمة" بعد ان طردت (غير نادمة ولا آسفة) من عدة وظائف في الحيز الإسرائيلي، ولم يكن هذا لان الحجاب غير صالح.. بل لأني لم أكن أصلح ساعتها للحجاب، ووعدت ربي أني سأعود إلى الحجاب عندما استحقه.
سقط الحجاب لأنه لم ينبع من الإيمان الحقيقي والرغبة في العبادة، بل للتعبير عن هوية الآخر في مجتمع لا يحترم الآخر. ذلك لان الحجاب ليس لباسا أو شعارا سياسيا بل هو أعمق من ذلك. الحجاب موقف إنساني من الوجود بناءا على العلاقة مع رب الوجود. انه تحديد مختلف لسلم الأوليات حيث تكون طاعة الله والولاء لله فوق كل طاعة وولاء. ويكون الحجاب من باب التسليم بما كتب الله لعباده ووسيلة للتقرب منه.


علمانية فرنسا علمتني الحجاب
وفي فرنسا، وبين العلمانيين عرفت أني لا يمكن أن أكون علمانية، كنت أدافع عن الفكر الإسلامي. كنت أنظّر للإسلام، وكانت مريم اكبر ملهمة لي. فهي فرنسية أسلمت في جيل الثمانية عشرة عاما، عارضت أهلها وتزوجت من مسلم تونسي فقير، بلا تصريح عمل من أجل الثبات على الإسلام. تعلمت العربية من أجل قراءة القرآن. وكان غريبا أن تجد في المترو فتاتين، واحدة عربية تحمل كتابا في الفن الحديث والأخرى أوروبية تحمل القرآن.
كانت تجربة مريم العملية واقتناعها بان الإسلام تجربة حياة وليس أفكارا على ورق"الصدمة الحقيقية" لي. مريم كانت ترتدي الحجاب كاملا، جلبابا فضفاضا ومنديلا يغطي ما يجب تغطيته، وكانت تتحدث معي عن نظرة المجتمع السيئة لها، ولكن أيضا عن إيمانها بأن جنة الله غالية وتستحق التضحية بمغريات الدنيا. ولا أنسى أبدا أنها أهدتني قبل سفري حجابا، فكانت هديتها بشارة لهداية.


الانفصام مرحلة من أجل وحدة العقل والعمل
كان المسجد الأقصى المبارك هو المكان، وشهر رمضان هو الزمان. عدت فيهما إلى نفسي بعد أن رحلت عنها لسنوات، عدت إلى العبادة التي تقرب من الله، عدت لأني لا ابحث عن الصدمات ولا عن الهويات ولا عن الصراع مع الآخر، عدت لأني أريد السكينة والاطمئنان وأريد أن أشكو بثي وحزني إلى الله.
شهر كامل وانا أعيش تجربة الانفصام بشكل عملي. ويعني الانفصام عدم التوافق بين الفكر والعمل، نعم أحمل فكرا إسلاميا لا استبدله بأي فكر اخر، وغيرة للإسلام وحبا لله ورسوله، ولكني من جهة أخرى لا أطبق شريعة من أحب وما أحب، أصوم ولا أصلي بانتظام، أخشع لآيات من القرآن ولا ارتدي الحجاب. لا اكذب وأقول أن إيماني في القلب فقط. وفي شهر رمضان عشت المفارقة بين القول العمل، في النهار كنت لا ارتدي الحجاب وفي صلاة المغرب والتراويح كنت ارتدي الحجاب. أحسست أني في النهار إنسان وفي الليل إنسان آخر. في النهار أنا بلا ملامح، وفي الليل تتحدد ملامح حياتي بين الركعات والسجدات وبين قراءة القران وصحبة الأخوات. في النهار أجري إلى الضياع.. وفي الليل أجري الى الرقي. عندما كنت أخلع حجابي لأبدأ نهاري، كنت أخلع معه معاني السكينة. وكنت أخلع قلبي وعقلي.
وفي ليلة مباركة عظيمة، واسمحوا لعيني أن تجري دمعة، شاء الله ان يتوحد الفكر والعمل، في الليلة الاخيرة من رمضان قبل ثلاث سنوات، قررت الخروج من المسجد الى العمل بالحجاب. قررت الا اخلع حجابي ابدا. نعم، صليت وقررت. وجاءني الشيطان في ملامح الناس حيث هناك من قال: انتظري حتى تقتنعي. وجاءت الافكار السوداء التي تدعو الى التريث حتى لا اخلعه مرة اخرى.


عالم يفتح فمه ضد الحجاب: لا ليستوعب بل ليهاجم
ولم استجب للوساوس الأولى والتي ستتخذ ملامح أخرى، من خلال الضغوطات التي تمارس على الفتاة المحجبة في هذه البلاد والأفكار المسبقة التي تلصق بها بلا سؤال لها أو جواب. أو من خلال التفتيش الأمني والسؤال عن البطاقة الشخصية، وكأن هويتها غير واضحة، باعتبارها قنبلة موقوتة أو جسما مشبوها. وغير ذلك قد تعاني من ضغط الأهل من خلال مخاوفهم بألا تجد لها عملا أو يضيق عليها في التعليم أو تكون عرضة للسخرية أو الحقد من الآخرين. وكل هذه التخوفات واردة في مجتمع عنصري كالذي نعيش فيه، ولكن في كل أذى تتعرض له الفتاة المحجبة تسجل لها حسنات في رصيدها عند الله. وفي كل ثبات تصبح أكثر صلابة وقوة، وفي كل باب يغلق تفتح مقابله أبواب كثيرة من الرزق والخير. وكيف لا وهي تلبس حجابها في مرضاة لله.. أفلا يرضيها؟


هناك 3 تعليقات:

فتاة مسلمة يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة حجابك تذكرني بقصة ذلك الرجل الذي في مرة من المرات حصل له موقف فغضب لله فيه ’ فكان في صباح كل يوم يستيقظ فيجد تحت وسادته نقودا وقد اعتاد هذا الرجل على هذا حتى انه يوما استيقظ ولم يجد ما اعتاد عليه فغضب غضبا لاجله عوقب من الله بالحرمان اتدري لماذا ؟
لانه في البداية كان غضبه لله اما في المرة التالية كان غضبه من اجل الدنيا ’ وانت كذلك لم تستحقي هذة المكرمة من الله وانت اصلا لم يكن حجابك من اجل المولى جز وجل اما في المرة الثانية فقد فزتي بالمكرمة ’ اما بالنسبة لما واجهك في بداية حجابك غهذا حال الحاقدين على المسلمين فقد ودوا لو كانوا مسلمين ’ فلذا لا يحبون الخير للاخرين مثلهم كمثل بني اسرائيل عندما ذكرهم الله في سورة البقرة ’ واما الغربة فهو امر صحي جدا في هذا العالم الذي صار يسير على ناموس المذهب المنفعي والمادي ’ فلا تستغربي ولا تبتاسي
والسلام اخية
باحترام
فاديا عمر

شهرزاد يقول...

تسلمي فادية
جيد ان اراك ولو متاخرة هنا وفي البيت

areej abdallah يقول...

كم جميل ما قرأت وكم شعرت بالثبات