26‏/06‏/2011

ليمونة الوجه والقلب

مريضة ولست مريضة في آن واحد. أشعر بالدوار وبفقدان السيطرة. سألني الطبيب: هل يؤلمك رأسك؟ فكرت مليّا قبل أن أقول: لا، الآن لا أشعر بألم في الرأس. سأل: هل يصيبك الدوار؟ كنت أفكر بنفسي وأنا أترامى بين الفراش والأرضية قبل أن أقول: لا. ثم قلت: أحيانا أشعر بالألم والدوار وأحيانا لا. حاولت أن أكون دقيقة في وصف حالتي الصحية.


هل أنا فعلا مريضة أم أني أتمارض؟ أم أني أشعر بمسئولية تجاه كل جواب. كأنه الجواب الذي يحدد مصيري في الكون. فحص أذني اليمنى فهي مصدر التعب، وقال لا بد أن نحقنها ببعض المخدر والأوكسجين حتى نستطيع تنظيف طبلة الأذن. وأعطاني حقنة، نظرت الى الحقنة وشعرت بالموت من كل الجوانب، ففي هذه الحقنة مواد كيماوية لأول مرة في تاريخ حياتي ستدخل أذني اليمنى.

كان الليل والألم والحقنة رفاقي لساعات طويلة، كنت أشعر بالإغماء والصحو بين الفترة والأخرى، هل هي سكرات المرض؟ إن للمرض سكرات مثل سكرات الموت. لا أعرف كيف سأتصرف في حالة الموت أو الشيخوخة، كيف سأكون عندما أكبر وأصبح بطيئة وذهني مشوش، كيف سأتصرف؟ كان الألم الذي أصاب أذني اليمنى تجربة أولى للموت وفقدان العافية.

لم أشف بعد، ولا يزال الدوار يلاحقني، ووجهي كما تقول زميلتي في العمل مثل "الليمونه"! حتى وأنا مريضة تعجبني مثل هذه الأوصاف،"أنا ليمونة مريضة واحتاج الى الاهتمام والشفقة"!!

23‏/06‏/2011

خارج السياق


نتحدث كثيرا عن السياق التاريخي والاجتماعي وغيره (أنا وحالي طبعا!). السياق مصطلح بالغ الاهمية في الدراسات المعاصرة ويشمل المعطيات حول الزمان، المكان، الأحداث، الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، العقائد وغيرها من أشكال الوعي. على الرغم من انه يحوي كل شيء تقريبا، ومطاط بالتعريف، إلا أنه من الصعب تحديد ما هو السياق بالضبط، مثله مثل بقية المصطلحات كالحضارة والدين والوعي وغيرها.
المهم أنك تعرف ما هو السياق عندما تعيشه، يعني عندما يشعر المرء أنه In ويا خراب ليله إذا كان Out!!
أحيانا أشعر بأني أنتمي إلى جماعة "خارج السياق"، هؤلاء الهامشيون الذين يكتبون على حواف التاريخ. حتى السياق هناك من يكتبه، من خلال إنتاج المعرفة والثقافة، وهناك من يستهلك هذا السياق ليصبح داخل السياق.
يشبّه بعض المثقفين البحث العلمي كالدخول الى حفلة والمشاركة في حديث، يعني يجب ان تدخل الى الحديث بطريقتك الخاصة بعد أن تكون قد استمعت الى مقتطفات مما قيل. وهذا طبعا سياق لمجتمع من "المثقفين" من النخب الذين يسمحون لانفسهم بدخول الحفلات. البحث مثل حفلة! جميل هذا التشبيه، وانا ادخل لأشارك برأيي في حوار مفتوح!!
ولكن ماذا مع عائشة؟ التي بلغت من العمر سبعون عاما قضتها في العمل والزراعة وتربية المواشي، هل تستطيع أن تصل إلى هذه الحفلة؟ وماذا عن ابنتها يسره، صديقتي التي ترتدي النقاب وتبحث لها عن مكان في قريتها، هل تستطيع ان تشارك في حفلة المعرفة هذه؟
عندما أتحدث إليهما كلا على انفراد، اشعر بذاتي فيهما، أشعر أني أنتمي إليهما، إلى صعوباتهن في الحياة. أعيش معهما التضحية الحقيقية، التي لا نجدها في "حفلات المعرفة"، وأجدني أسرع بعيدة عن حضور ما لا أجده ضروريا في المؤتمرات، وهي نوع من حفلات المعرفة، لأكون معهما ولأتابع معهن حديثا بدأ للتو.
تخبرني عائشة، أنها تريد التعلم حتى لا تموت، وتخرج لتحضر لقاءا في التاريخ أقوم بتنظيمه في الكلية، أراها فرحة مثل فتاة في الثانوية، تتلهف للمعرفة، وتحاول أن تدخل وتشارك في الحوار، وأحيانا يسكتها الخجل والذهول، أدفعها للحديث ببضع كلمات، تستجيب أحيانا وفي بعض الأحيان تؤثر الإستماع.
أما ابنتها يسره فقد أصبحت جزءا من صباح أيام الجمعة، تأتي لزيارتي، أستقبلها شبه نائمة وحالمة لندخل في حوار جديد قديم عنّا وعن احلامنا، ونحن نتناول إفطارنا الصباحي.
أحاول الآن وأنا أكتب في إقتراح البحث أن أتخيل الحلفة، عليّ ان أشارك برأيي، ولكن ماذا سأقول للمترفين؟ وماذا سأقول للمنافقين؟ وللهامشيين مثلي؟
هناك حفلة تنتظري وسأشارك فيها لعدة سنوات قادمة، هل أصرخ واخرج منها أم هل سأقول رأيي ومن بعدي الطوفان؟ أم سأهرب منها، وينفلت حذائي مثلا "ساندريلا"، ولا يمكنني حتى أن أتصور اميرا يلحقني ليقول لي: مهلا عزيزتي "فردة حذاءك"!!
صعب تكون In والأصعب طبعا تكون Out!

22‏/06‏/2011

كلمات مهمة جدا

يقول محمود درويش احسبه يقولها ليس فقط للفلسطينيين بل لكل من تتوق نفسه للحرية والانعتاق من الظلم والظالمين:
"لسنا هنود حمر"

टीव्क्व्क्व्क्क्द्ब्द्द् द्ब्ब्ब्ब्क्न्न्म्क्म्क् ब्क्ब्ब्क्ब्क्म्क्म्,,क्ष।

ह्वव्ज्व्हव्ह्व ब्व्ब्बव्ज़ेह्ध्फ़, व्ह्व्हह्व क्स्क्सह्क्सक्स्जोज्ज़;कक्स

फ्गद्व्वच्क्स्फ़

गव

बब

वगव

هذا كل ما أردت قوله اليوم!!

18‏/06‏/2011

استعمل عقلك!

قدري أن أكون هنا، في هذا المكان الواسع على الرغم من ضيقه الفيزيائي، وفي هذا الزمان الشائك والتي تدق على أبوابه كل صنوف الفتن. قدري أن أعيش هذه الحياة، لا كما أحب وأهوى بل كما شاء لها الله تعالى أن تكون.
فما هي خياراتي؟ أأسير وفق الهوى فأضل وأخزى أم أسير في الطريق الطويلة والشائكة إلى الله تعالى؟

أخترت طريق الله، ولا أزال كل يوم أكتشف صدق الله وصدق طريقه. البارحة مثلا أنا أتابع فيلما وثائقيا عن الحامض النووي (DNA) حيث يسجل فيه تاريخ الانسان عبر اربعة احرف تسلسل في ملايين من الاعداد، ووصفه العلماء بأنه مثل كتاب يسجل فيه تاريخ الانسان. وبينما يريد علماء الوراثة ان يتتبعوا هذا الكتاب من اجل كشف اسرار الخلق فيه على امل منهم أنهم لربما يستطيعون خلق كائن مثله، وكلها أوهام يضعها الشيطان ويمنيهم غرورا، فالله وعدهم وعد الحق أنهم لن يخلقوا جناح بعوضة. بينما هم يتنازعون هذه الامانيّ، كنت أفكر في الكتاب الذي سيعرضه الله لكل عبد من عباده يوم القيامة، كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها! سبحان الله، لا يعجز عن مثل هذا الكتاب.
وصلت الى هذه المقارنة من خلال تأملي في آيات من القرآن الكريم. حيث أن الله يدعونا الى التأمل والمقارنة ويضرب لنا أمثالا في الخلق الذي نراه ونحسه ويمكن لنا أن نقيسه في عالم الشهادة، حتى نستطيع استيعاب وفهم قدرته في عالم الغيب، عالم ما بعد الحياة، بعد الموت وفي النشور وفي الحساب والجنة والنار.
الله تعالى يدعونا الى تأمل إحياء الأرض بعد موتها بالماء، وتشبيه ذلك بقدرته على احياء الموتى بعد الموت. هذه المقارنة التي اراها منطقية جدا في عصر يتحدثون فيه عن إلغاء المنطق في الدين. وخاصة اولائك الذين يدعون العلمانية ويبحثون عن الاسباب المنطقية وراء الكون، وهم يرفضون العقل المؤمن باعتباره جامدا لا يفكر بل يتقبل كل شيء بلا ادنى تفكير.

وفي نقاش لي مع احدهم، وهو استاذ في التاريخ، ولد مسلما ولكنه لا يعترف بالاسلام، بل يراه ثقافة كغيرها من الثقافات. قال لي: انتم الاسلاميون لا تستعملون عقولكم.
اجبت: انا مسلمة ولست اسلامية. اعرّف نفسي كما عرفني الله ورسوله، وليس كما المستشرقين (من الاجانب) والمستغربين (العرب الذين يتّبعون الغرب في كل ما يقول). على كل حال فيما لا نستعمل عقولنا؟
اجاب: في الدين، يعني كلها مسلّمات.
قلت له: اتقصد في الله مثلا أننا لا نستعمل عقولنا؟
اجاب: نعم.
قلت: اتعرف لا يمكن لنا ان نصل الى الله بعقولنا، لانها محدودة.
اجاب فرحا: انتم تقيدون العقل، لا يوجد عقل محدود، لا يوجد جمود في العقل.
قلت: ولكن فعلا وبالعقل لا نستطيع ان نصل الى الله من خلال حواسنا، يعني في عالم الشهادة، يعني حواسنا لا يمكن ان توصلنا الى الله، ولذلك فان عقلنا الذي يعتمد على المعلومات التي تصله من خلال هذه الحواس فعلا محدود، لا يمكن له ان يستوعب امورا بغير هذه الحواس. اتفق معك انه على محدودية العقل فانه لا محدود، لانه لم يكتشف ويستوعب الا القليل القليل مما يستطيعه.
قال: ومع ذلك، فهذا لا يدل على وجود الله.
قلت: لان الله يعلم اننا لا نستطيع ان نصله بعقلنا، لذلك ارسل لنا رسلا لتعريفنا به، فلو فرضنا انه لا يوجد هناك رسل، فلا يمكننا ان نصل الى الله وان نعبده كما يريد. لنتخيل انه لا يوجد انبياء، كيف سنعرف بصفات الله، بهدف الحياة والموت، بالبعث والنشور وغيرها. سنعرف انه يوجد شيء وراء هذا الكون ولكننا لن نعرف من هو وماذا يريد منا. فرسائل الانبياء والكتب السماوية غير المحرفه، واخرها القران الكريم هي وسيط بين الرب والعباد. بالمفهوم التاريخي هي وثائق ربانية، كتبها الله بنفسه لإخبارنا بها. أرى أنها مستند علمي يمكن للعقل ان يتفاهم معه، وأن يحلله. وبهذا نصل الى الله من خلال العقل.
قال: كل ما تقولينه ليس بمنطقي، لا اثبات على وجود الله.
قلت: حقا. اذن كيف وصلت الى هذه النتيجة؟ هل استطعت ان تصل الى ما وراء المادة؟ وكيف وصلت الى هناك؟ وان وصلت هل حقا لم تجد شيئا؟
قال: ما تقولينه ليس بمنطقي!

ما هو المنطق اذن؟ ان كنت ما اقوله ليس بالمنطقي، فهل المنطق في حقائق متغيرة ومعايير اخلاقية متغيرة تتناسب موازين القوة في كل زمان ومكان؟ واين القوة التي تحمي الضعفاء؟ في هذا العالم الظالم اهله باتباع الهوى الاخلاقي والقوة المادية، يقف الضعفاء على الهامش بلا حماية إنسانية، ويتصارع فيه الاقوياء بلا رحمة.
هل هذا هو المنطق؟ ان كان المنطق لا يقود الى عدل، برأيي فهو ليس بمنطق على الاطلاق!!

اقترب الى الله ببطء، أعترف بأن الطريق صعبة في هذا العالم المليئ بالأحزان، أتأمل حال الضعفاء، وأنا منهم، الذين يقفون على الهامش، أتأمل صديقاتي المتعلمات والعاديات وربات البيوت، أتأمل رجال مجتمعنا وهم لا يتحملون المسؤولية وللاسف لا يعرفون معنى القوامة. وأرى كثيرا من الضعف وعدم المنطق في عدم اتباع الحق. أتأمل حالي، وأسأل الله الصراط المستقيم.

17‏/06‏/2011

هل هي مشكلة إضاءة؟

نظرت شهرزاد الى وجهها في المرآة وقالت: "لا بأس، لا بأس اليوم انت أحسن"... ثم اتسعت إبتسامتها وهي تتسائل: "هل المشكلة هي في الإضاءة؟ أم أني لا أستطيع الإحساس بنفسي وهذا الأمر يتعلق بحالتي النفسية؟"
الداخل ينعكس على الخارج، فإذا كانت شهرزاد مرتاحة البال، راضية، فإنها تستطيع أن تميّز جميع نقاط القوة والجمال في ذاتها، أما إذا الوضع عكسيا والحالة النفسية ليست على ما يرام، فالويل لها إن نظرت إلى مرآتها السحرية ولو بالخطأ، فإنها ستميّز في ذاتها كل نقاط الضعف والبشاعة!

إذن هي حالة نفسية!! هكذا يقول العقل، أما عاطفتها فتقول إنها الإضاءة، نعم... إذا أضافت بعض الأنوار الخافتة أو القوية فإنها تستطيع الرؤية بوضوح أكثر، فإذا خفت الرؤية كان الإحساس بالذات أعمق، وانعكس ذلك على ملامح الوجه فيؤدي إلى ابتسامة عريضة من شهرزاد...
يعني أن المسألة تتعلق بالإضاءة!! أصبحت الفتاة بنت الواحد والثلاثين مقنعة بذلك أشد اقتناع، ولا ولن تسعفها ابتسامة قبل ان يغمى عليها!!