21‏/06‏/2009

اخوة التراب.. الى اين؟

هذا ما تريده كل ام فلسطينية.. هذا ما تريده امنا فلسطين.

اقول لنفسي اني على وشك الانهاء. اشجعها، ادفعها لان تخرج اثقالها. ثلاث سنوات وانا ابحث فيما ابحث فيه، ابحث في الصراعات التي يكشفها او يخيفها ادب الاطفال الفلسطيني في الضفة الغربية خلال فترتي الانتفاضة الاولى وفترة اوسلو (1987-2000).
مهلا: لست معنية بتقسيم الشعب الفلسطيني وبحث كل فريق منه على حدة، وان كان شعبي ممزقا الى درجة يستحيل معها حتى الان جمع شتاته واجراء البحوث عنه وعليه واليه.
الهدف من تحديد فئة معينة هو من اجل تسهيل عملية البحث واجراءه فعليا ولربما يفتح، واعتقد جديا، انه سيفتح افاقا جديدة.

صراع الكبار
قال لي استاذ في اللغة العربية من جامعة بير زيت، وكنا في مكتبة البيرة قرب رام الله: صراعات؟ ارجوك ابتعدي عن هذه المصطلحات! كان هناك نوع من التشكك في مصداقية البحث. وتسائل قائلا: ولماذا تعنى الجامعة العبرية بالصراعات داخل ادب الاطفال؟ لا ليس عندنا صراعات في ادب الاطفال.. يكفينا الصراع بين الكبار.

قلت له: نعم يوجد صراع داخل ادب الاطفال. وهذا تجديد اضيفه من خلال بحثي. وان كان البحث عن طريق الجامعة العبرية فاني اراه ايضا مترجما للعربية من اجل ان يستفيد منه ايضا من ليسوا في هذه الجامعة.

حل الصراع بمضمون رباني واسلوب علمي
علينا ان نبحث في الصراعات الداخلية. يكفينا وهما باننا موحدون وكل شيء على ما يرام، وكل مشكلة يمكن ان تحلها صلحة عشائرية! قبل عدة سنوات، عندما كنت اعمل في مجال الصحافة وكنت اتنقل ما بين الضفة وغزة، كانت الكثير من التصريحات الاسرائيلية حول احتمال نشوء حرب اهلية فلسطينية. وكان المسؤولون وغير المسؤولين من الفلسطينيين يضحكون ويقولون: نحن؟ لا يمكن.. مستحيل.. نحن اخوة.. نحن اخوة في التراب وتحت الاحتلال ولا يمكن ان نقاتل بعضنا البعض.
اسرائيل طبعا استغلت هذه الثقة الزائدة بالنفس والركون الى الاخوة! وعملت ما عملت من اجل ان تزيد من الشقوق داخل الجسد الفلسطيني الواحد.. وهناك طبعا من الفلسطينيين من ساعدها في ذلك، بقصد او بغير قصد، الله وحده يعلم بالنوايا. والان نحن على شفير حرب اهلية، واذا اردت ان اكون اكثر واقعية، نحن في هذه الحرب، خلافات بين غزة والضفة الغربية. اعتقالات في الضفة الغربية وموت للمعتقلين في سجونها تحت التعذيب، واطلاق رصاص واخوة يقتلون بعضهم في قلقيلية.
واذا بحثنا في الاسباب لوجدناها كثيرة ومتنوعة منها الحرب على المصالح ومنها على الكراسي ومنها من اجل السيطرة ومنها للمقاومة. ولكني ارى اكثر ما جعلنا نبتعد عن بعضنا هو تقوقع كل طرف في مكانه، فلا حوار حقيقي، ولا رؤية ابعد من راس الانف لمستقبل الصراع مع الاسرائيلي المحتل.
ربما علينا ان نبدأ ونفتح أعيننا وان نستعمل الادوات الحديثة التي تعرضها الجامعات في حل الصراعات، كم من العرب والفلسطينيين يشاركون ويتعلمون فن حل الصراع؟ نحن في هذه المرحلة في أشد الحاجة الى أدوات تساعدنا على حل الصراعات فيما بيننا، واذا كانت هذه الادوات في الجامعات ومعاهد البحث فالنتعلمها ولنتذكر ان الله تعالى امرنا بالاصلاح بين المختلفين، وان فشل الاصلاح فيجب مساندة الفئة المغلوبة وردع الفئة الباغية حتى تعود الى امر الله.
اتفاجئ كثيرا من قدرة البعض على التحريض ضد الاخر بهذه الصورة. دعوات للعصيان والتمرد، تكذيب مستمر للآخر وتشكيك في نواياه.
في حديث مع ناشطة من منطقة سلفيت تساءلت: كيف كانت العائلة الفلسطينية لزمن طويل تحتضن كل وجهات النظر وكنت تجد في نفس البيت انتماءات عديدة: الاسلامي، الماركسي والقومي؟
واجابتني: كانت العائلة الفلسطينية متماسكة. اما اليوم فلا. كانوا في السابق يريدون الوطن فقط. اما اليوم لا ضير من اشلاء وطن مع وظيفة.



19‏/06‏/2009

سيأتي..



سيأتي

رغم خوفي وانتظاري

سيأتي.

ويفتح لي ابواب الحياة كما لم اعرفها

سيأتي.

لي يقين

حقيقي

سيأتي.

لا تخافي ولا ترتجفي مثل دمية

سيأتي

مثل النور ليضيئ وحشة قلب

يحاول ان يصبر وان يحب

رغم اعداءه

رغم خوفه من مجهول

يرتبط القلب بحبل

يتعلق في الهواء

يحاول ان ينبض باسم الله

حتى لا يقع

يقول له: هل ستأتي؟

انتظرتك اعواما

وكتبت في شهادة ميلادي ان ميلادي يوم عودتك

هل ستأتي؟

أهكذا يتحول اليقين الى مجرد سؤال؟


...


09‏/06‏/2009

قال الشعار: فلسطين لنا.. قال الواقع: استمروا في الوهم

هل فعلا نمتلك وعي الارض؟


كانت شهرزاد تقرأ الحكايا وكتب التاريخ عساها تجد نفسها وسط حطام من كلمات وتجارب. وفي احيان كثيرة كانت تسأل نفسها ان كانت داخل احدى الروايات ام خارجها. كانت تتسائل: هل اعيش حكاية نفسي؟ والى اين المصير?
مرت سنوات وهي على هذه الحالة، تعتاش من الكلمات والمعاني. تفسرها وتأخذها الى اماكن حقيقية ووهمية. عاشت لتعرف، ولكنها اليوم تشعر وكأنها تصحو من حلم او من كابوس.
لم تكن شهرزاد سوى امرأة وحيدة تحاول تسلية نفسها ومن حولها من البؤساء...



كل يوم تسلب لنا أرض
وفي أحد الأيام وكان ذلك قبل اربعة أيام، وجدت شهرزاد نفسها وسط جماعة من الفلسطينيين والاسرائيليين من نشطاء ما يسمى "حقوق الانسان" في رام الله. كان النقاش حول سياسة الادارة العسكرية في مناطق C (اي المناطق الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي المباشر وفق تقسيم اتفاقيات اوسلو بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي )، وملخص المعطيات التي عرضتها منظمة "بمكوم" وهي منظمة اسرائيلية تعنى بموضوع الهدم والبناء في المناطق المحتلة عام 1967 وخاصة في القدس العربية وفي مناطق C في الضفة الغربية. وحسب المعطيات فان اسرائيل تسيطر على 60% من مساحة الضفة الغربية وهي تخضع للادارة العسكرية بشكل مباشر، حيث تحول دون ان تتوسع القرى والمدن الفلسطينية وبذلك تحد من نموها وتطورها.

وحسب الاحصاءيات فان اسراائيل تهدد بهدم ما يقارب 60 بيتا شهريا، اضافة الى مصادرة 9% من اراضي الضفة الغربية بهدف بناء جدار الفصل العنصري. وبالمقابل فان الادارة العسكرية تعمل على بناء المستوطنات وتوسيعها على حساب تطور القرى والمدن الفلسطينية، وعلى الرغم من ان المستعمرات الاسرائيلية تحتل 1.5% من مساحة الضفة الغربية الا ان اسرائيل تستمر في مصادرة الاراضي وبناء المستعمرات.

وتمتنع الادارة العسكرية الاسرائيلية عن اعطاء تراخيص البناء للفلسطينيين بحجة ان القرى الفلسطينية تقع في مناطق يحضر فيها البناء حسب وثائق التخطيط للاستعمار البريطاني قبل عام 1948. وفي ذات الوقت ترخص بناء المستوطنات على نفس هذه الاراضي.

نفاق حقوقي...

كان ممثلو منظمات حقوق الانسان الفلسطينيين في حالة من الدهشة من الخرائط التي عرضها ممثلو المجعية الاسرائيلية ومنهم من اثنى على هذا الجهد، ومنهم من طالب الاسرائيليين بالاعتراف بان الضفة الغربية محتلة! وغيرهم قال بان هذه المعلومات يجب ان تذهب مباشرة الى طاولة الامم المتحدة! وغيرهم ناقش المصطلحات واعترض على تسمية المناطق الفلسطينية بحسب مصطلحات اوسلو، ومنهم من قال: ان مصادرة اراضي الفلسطينيين واعتبارها اراضي دولة هو تبني للمصطلحات الاسرائيلية وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا.

وبينما كان بعض المنظرين من جماعة حقوق الانسان الفلسطينيين يستعرضون لغتهم الانجليزية، (اغلبية الاسرائيليين صمتوا) على الرغم من ان اكثر الحضور كانوا من العرب، الا ان النقاش لم يكن بالعربية، وانا شخصيا أشك ان جميع الحاضرين قد فهموا المحاضرة. وفي هذه الاجواء وبينما كنت احاول ان احصل على مجال للمشاركة بالنقاش، لم احصل عليه لسبب اعرفه او لا اعرفه... نطق وفي اللحظة الاخيرة احد المشاركين باللغة العربية وقال: علينا نحن الفلسطينيين ان نبذل جهودنا لتوعية المواطن الفلسطيني ومساندته في حالة مصادرته لارضه.

طبعا المؤتمرون لم يكونوا يبحثون عن مثل هذا الكلام بل كانوا يريدون انهاء اللقاء بعد ان انتهى استعراض المشكلة بلا محاولة للبحث عن حل فعلي وواقعي لها.

وليس هذا الحال باختلاف عن كثير من قطاعات حقوق الانسان الاخرى، حيث ياتي الاسرائيليون مع المعرفة والبحث والتقصي، كانما هم يحاربون الاحتلال، احتلالهم، بالمعرفة، وياتي الفلسطينيون بالفذلكة والكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

غالبية دكاكين حقوق الانسان الفلسطينية لا تنتمي للواقع، اي الناس ولا تتواصل معهم الا من علياء، ولا تحاول فعلا ان تؤدي الى تغيير فعلي في الواقع. كل ما يعرفه غالبية هؤلاء هو النفاق واستعراض نظريات غربية وفذلكات ليس لها جذر ولا اصل.

أين الارض في الوعي الفلسطيني اليومي؟

قالت لي احدى الناشطات: اتعلمين لماذا ذهبت اراضينا؟.......... لاننا ذهبنا عنها وتركناها.. لو كان هناك وعي لما صودرت اراض. تحولنا الى شعب متسول.. يضع الاحتلال واذنابه من المستعمرين ايديهم على الارض البور التي لا يزورها اهلها ولا يزرعونها. بينما يتهافتون على التسول من الدول المانحة او العمل داخل المستوطنات الاسرائيلية.

قال لي عامل فلسطيني: هذه ليست مستوطنات، بل مستعمرات.. هؤلاء ليسوا مستوطنين بل مستعمرين!

قال الشعار: فلسطين لنا..
قال الاحتلال: استمروا في الوهم.. سنبتلع الارض وستكونون لنا عبيدا..

01‏/06‏/2009

قصة فرخ البط الاسود "القبيح"


كانت مجموعة من البط تسبح في نهر، وعلى رأسها كانت البطة الام تعلم اولادها الصغار السباحة. كان الصغار كلهم في لون ابيض ناصع البياض، عدا واحد منهم كان لونه الاسود وشعر جسمه المنفوش يشير الى غرابته بينهم. فرخ بط اسود صغير يدفع الماء بلا مبالاة، ناظرا الى الافق، مفكرا في مصير عائلته وفي مصير شعبه من البط وهم يتنقلون من نهر الى آخر.

فرخ بط اسود صغير لم يكن يعرف مدى غربته بين اهله وفي وطنه النهر. كان ينظر الى الافق ويطيل النظر والتفكر. وبينما هو على هذه الحالة، واذ به ينظر حوله فلا يجد احدا، الكل اختفى، فمن السرب من طار، ومنهم من عاد الى الشاطئ ليستريح، ومنهم من ابتعد عنه غير مبال به.
شعر الفرخ بالحزن لوحدته، ولكنه قرر المضي في طريقه. كان يشق الماء بحثا عن حقيقة ربما وجدها تطفو او تغرق في ذلك النهر.

قصتي
هذه قصة فرخ البط الاسود، وفي قصص الاطفال يضاف اليها "القبيح" اي المختلف، الاسود، البدائي والهمجي. وفي هذه الاضافات والمعاني تعيير عن عنصرية وعلو الجنس الابيض على الاسود من البشر. وفي الاسلام لا فضل بين عربي على اعجمي ولا ابيض او اسود او احمر او اصفر الا بالتقوى، تقوى الله.

ولست اريد في هذا السياق تحليل القصة من ناحية علاقات القوى بين المستعمر الابيض الذي يضطهد الاخر، الاسود او اي لون اخر. ولكني اريد القول باني هذا الفرخ الاسود، الغريب بين اهله. وليس الاسود الذي هو اقل من الابيض، بل هو الآخر والمتنوع والجميل.