21‏/09‏/2008

حان الوقت لحوار مع الذات


الوعي عندي أصبح بحيرة ماء راكدة لأسباب عديدة منها: غسيل الدماغ الذي يصنع لنا أو نصنعه بأنفسنا في حياتنا اليومية ويشمل ثقافة العصر وافكار العصر وقدوة هذا العصر المشوهة.


التشتت الكبير
أحاول التدبر في آيات الله، في القرآن. أحاول أن أفهم المغزى والمقصد. ولكنى أجد في نفسي جدارانا تمنع وصول الحقيقة إلى ذاتي. أعتصر الدمع في عيني فلا تسقط دموع. أعيش مأساة. هناك فصل تام بين المعتقد، الإحساس بأنه الحل، وبين الواقع المعاش. ربما أعيش كل حالة من التفكير والعاطفة والواقع في بعد آخر. ولا أجد تشتتا أكثر من هذا.

دعاؤنا اليوم: هزيمة أم عزيمة؟
تبدأ هذه الحالة عندما أريد ان أتفاعل مع الصلاة، مع دعاء الإمام في التروايح. وأجد نفسي اسمع الدعاء وأنتقد مضمونه. أجد نفسي أقول: "هل هذا الدعاء يتانسب واحتياجات الاف المصلين في المسجد الأقصى؟"
الدعاء عندي ليس فقط لعرض المصائب التي تعيشها الأمة وهي كثيرة، بل أيضا وسيلة معنوية هائلة عندما نطلب من الله العون ونحن ناخذ بالأسباب.
قبل ليلتين، دعا الإمام في صلاة الوتر من اجل تحرير الأقصى، وغزو البيت الأبيض، والصلاة في روما كما وعد الحبيب المصطفى عليه السلام. وليس هذا على الله بعزيز. ولكن المشكلة تكمن في أن الإمام لم يطرح أي سبب ممكن ان يتعلق به المسلم من أجل الوصول إلى هذه الغايات. لم يدعو مثلا الى العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لم يدعو إلى حاجتنا إلى الوحدة والتعاون، لم يدعو إلى صلة الرحم والعمل. وهناك امور كثيرة يمكن أن يشملها الدعاء لتكون ملهما لجموع المسلمين في حياتهم، ولكن للأسف، الدعاء ليس كذلك بل هو مجموعة من المصائب لتذكرنا بأنا مهزومون واننا ضحايا وأننا لا شيئ. وهذا بحد ذاته نشر للروح الانهزامية.

ضعفنا وحاجتنا الى الله هما أمر واقع ودائم حتى في زمن الإنتصارات والقوة. وليس في الأخذ بالأسباب وذكرها في الدعاء ما يغير هذه العلاقة بين العبد وربه. بل ربما ساهم هذا النوع من الدعاء في تقوية العزائم وشحن النفوس بهمة العمل والعلم.

وهناك دعاء آخر يتكرر في مناسبات كثيرة ولا استطيع ان أقول وراءه آمين: عندما يدعو الإمام الله لتعجيل النصر. وأجد هذا الأمر مستهجنا. كيف نستعجل أمرالله وكاننا نشكو من قلة الصبر؟ ولماذا لا نقول: اللهم أفرغ علينا صبرا؟ أليس الأجدر أن نصبر بدلا من الاستعجال بامر الله؟ وهل نحن جاهزون الآن لتحمل مسئولية الإسلام؟


وفي الليلة ال 21 من رمضان، كانت تؤم صلاتنا أخت فاضلة، وكان دعاءها يرتكز على الأخذ بالأسباب: كانت تقول ربنا إجعلنا ممن يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر. كانت تدعو لأن تنجب كل إمراة منا ذرية طيبة تساهم في التمكين.
أوليس هذا إلهاما للعمل؟ أوليس هذا دعاءا يمكن لمسلم او مسلمة أن يتفاعل معه؟


حان الوقت لحوار مع الذات


في بحيرة الوعي الراكدة
استجمع قواي
حتى تتفجر ينابيع وانهار
من الدموع والأفكار
لتغسل كل هذه الغشاوة اتي تحيط بالقلب والعينيين.

أتسائل:
لو لم يكن ربي.. فمن أعبد؟
أأعبد نفسي وهواها؟
أم أعبد أصناما وخرافات؟
أأعبد كائنات من كوكب آخر
تأتي لتحتل الأرض
أم أعبد ملكا او شاعرا او ممثلا استعراضيا؟
أنا لا استبدل ربي برب مصلوب أو فكر مسلوب من المنطق!

عندما يكون هناك حوار دائم مع الذات في سؤال وجواب، ربما عندها تتفجر ينابيع الدمع والفكر. عندها يكون الإتصال مع اللاوعي، ويصبح وعيا. وعندها ربما أعرف كيف اتدبر الآيات.

كل ما أريد أن أقوله اليوم: أن الحوار مع النفس مطلوب حتى نستطيع أن نكنس بعضا من نفايات التربية والثقافة الوضعية التافهة.

أريد فراغا كاملا حتى أملأه بذكر الله.


















18‏/09‏/2008

زمن الخيول البيضاء: رواية يجب ان تقرأ


زمن الخيول البيضاء للكاتب ابراهيم نصر الله، من اجمل الروايات التي قرأتها والتي تطرح القضية الفلسطينية في نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.

تفاصيلها تصنع الحقيقة التي نجهلها في الرواية التاريخية الفلسطينية. فيها انسياب ووضوح في تشكيل الشخصيات. فيها حب وغيرة، فيها انتقام ووحشية محتل بريطاني تسكع في البلاد ما يقارب ال 30 عاما.


لأول مرة اتعرف على عالم أجدادي، على حياتهم الخصبة وعلى الظروف التي عاشوها قبل حرب التهجير. حياة مليئة بالتناقضات، فيها الخير والشر، فيها المتعاون وفيها الثائر. عرف أجدادي ما يحيط بهم من شر، بناء المستوطنات وتسليح العصابات اليهودية ودعم البريطان لها. تخاذل الانظمة العربية وتكون طبقة من المستفيدين الفلسطينيين من الاختلال اللذين اسحبوا بلباقة قبل الحرب، تاركين البلاد واهلها للموت او الطرد.


احرصوا على الا تهزموا إلى الابد
والمستقبل كان واضحا للسكان الاصليين حتى قبل الحرب. ولا بد ان لا ننسى وصية خالد الشيخ محمود لصهره نوح قبل استشهاده على يد الجنود البريطانيين. قال له: "كان والدي رحمه الله يردد دائما: لايمكن لاحد ان ينتصر الى الابد. لم يحدث ابدا ان ظلت امة منتصرة الى الابد. ودائما كنت افكر فيما قاله، لكنني اليوم أحس بأن شيئا آخر يمكن ان يقال أيضا وهو اني لست خائفا من أن ينتصروا مرة وننهزم مرة او ننتصر مرة وينهوموا مرة، انا اخاف شيئا واحدا هو ان ننكسر الى الابد. لان الذي ينكسر الى الابد لا يمكن ان ينهض ثانية. قل لهم: احرصوا على الا تهزموا الى الابد".
كانت هذه كلمات الوداع التي القى بها خالد الحاج الى رفاقه في السلاح، وهو الذي قاوم الاتراك والاقطاعيين ومن بعدهم المستوطنين اليهود والبريطانيين واضاف: " الشيئ الوحيد الذي لم يخطر ببالي في يوم من الايام انني ذهب لألحق الهزيمة بأحد، كنت مثلك ذاهبا لأحمي حقي. وانا الآن لا اريد التسلل هاربا. ولا أريد أن اقوللكم أكثر من هذا: لست هنا لانتصر، أنا هنا لاحمي حقي".


النهاية والبداية

اما الصحافي محمود والذي ترك قريته الهادية ليعيش في مدينة يافا، فكان ملك النهايات، لا تهمه البداية بل النهاية. ولكنه كان هاربا من الإجابة على نهاية الصراع في فلسطين، قال إنه ليس كاتبا ولذلك لا يستطيع كتابة النهاية. هل هذا الهروب يحمل في طياته ايضا الهروب من المسؤولية؟ محمود يمثل المثقفين الفلسطينيين في ذلك الزمان التعيس، ولكنهم لم يتنازلوا ليكونوا بين العامة، كانت تبهره السنما والموسيقى والكتب، ولم يكن ليركب فرسا حتى في يوم عرسه مسميا ذلك رجعية. محمود يتحدث عن النهاية الت هي داية وعن البداية التي هي نهاية، تماما كما هي الحياة.

فرسان هذا الزمان
الحمامة فرس اصيلة، يحبها الرجال كما ولو كانت ملكة النساء. كانت تلك السنوات زمن رجال يسيرون مع الخيل، يتحدثون إليها يكتبون تاريخها، ويركبونها للحرب وللحب.


زمن الخيول البيضاء هو زمن الرجال الذين سيقوا الى الهجرة والطرد، لكن وما هي امكانياتهم وقتها؟ وهم يرون القوة البريطانية تدعم الاستيطان؟
حتى الآن لم أعرف ماذا كان يملك أجدادي غير الكرم والصبر. وهما أمران مهمان بحد ذاتهما. ولكن ما هي الإمكانيات العملية التي كانت لهم ولم تستغل؟

تعري الرواية القيادات الفاضحة التي أجرت التمويه السياسي ولسنوات طويلة سواء أكانت داخل فلسطين أم خارجها. وتدخل خبايا الأنفس وتخرج منها في سلاسة.

وعندما أطالع هذه الرواية، أجد تشابها بين الماضي والحاضر، وكاننا لم نتعلم من التاريخ، وكان الهجرة لم تزدنا إلا إمعانا في العودة إلى ذات الاخطاء. كيف نبت الجدار ليفصل بين الفلسطينيين في الضفة والداخل والقطاع؟ كيف سمحنا لقانون منع الشمل في حالة الزواج بين الفلسطينيين الذين يحملون الهويات الاسرائيلية (الزرقاء) وبين حملة الهويات الفلسطينية (البرتقالية والخضراء)؟ كيف سمحنا للمستوطنات ان تكبر في الأراضي المحتلة؟ كيف سمحنا لأن تجري تصفية المصلين للدخول إلى المسجد الأقصى؟ كيف تعلو اصوات الفتنة بين غزة والضفة بلا مصلح من بيننا؟ وكيف ينمو الشوك بيننا وتكبر طبقة المستفيدين من الإحتلال من بيننا بلا حياء؟

هل ساجد نفسي يوما وانا اكتب رواية اليوم وانا في المهجر؟

نعم. الرواية لم تنته بعد. لا نهاية حتى الآن. لاجئون في الخارج ولاجئون في الداخل. وعندما ركب أهل الهادية عربات الأمم المتحدة وبكوا على قريتهم المحاطة من أربع جهات، لم يعرفوا أين ستلقي بهم الأيام. ونحن اليوم لا نعرف ايضا أين ستلقي بنا الأيام. وهل سنبكي كما بكي ابن عبد الله بن الأحمر، وهو يفر من الاندلس بعد ان استولى عليها الاسبان قبل حوالي 500 سنة؟


أصفاد في صفد


قال لي ابي ونحن في مشفى عام في صفد: "هذه مدينة الزيتون والعنب"، فأصبحت أرى فيها كروم العنب والزيتون.
صفد في ايامنا هذه أجمل ما تكون. طبيعة خلابة، أشجار صفراء وخضراء ومنظر يطل على بحيرة طبريا يسحر الألباب. صفد اليوم مدينة يسكنها اليهود المتدنيون والمهاجرون الروس والاثيوبيون. فسيفساء من التناقضات في الاعراق والألوان. تبدو مدينة فقيرة، فيها عدة حارات مكتظة نسبيا للتجمعات الزراعية (الكيبوتيسات) حولها. والبقايا العربية فيها مهمشة على الاطلاق. ففي مركز المدينة أو ما تبقى من البلدة القديمة تجد احجارا لبيوت عربية دمرت. وهناك مبنى السرايا الذي تحول الى مركز للقيادة الدينية اليهودية.
سألت يهوديا متدينا، وكنا في الباص، كان امامي يحمد الله بالعربية ويقول: "لا اله الا الله" وانا اجيب "محمد رسول الله". كان عجوزا متكأ على عكازه الطبي ويبدو عليه أنه من أصول مغربية. سالته عن أخبار انتخابات بلدية صفد. وكانت صور المرشحين من الليكود والمتدينين في كل مكان. أجاب ملوحا بيده: "هذا لا يعنيني"، ونظر بقرف إلى الروسيات الطاعنات في السن اللواتي لم يتخلين عن لغتهن في أرض اللبن والعسل. وكان روسي طاعن في السن يدعو إحداهن للجلوس إلى جانبه. وقال اليهودي المغربي بالعربية ساخرا: " قيس وليلى!!".

في وادي العامود، الذي يمتد عشرات الكيلومترات ليصل الى بحيرة طبريا، وهو يحاذي صفد، بقيت قرية فلسطينية ، اسمها عكبرة. قرية صغيرة وسط زحمة الطبيعة وعلى تلة في واد سحيق. قرية صمدت حرب التهجير في عام 1948. ويمكن سماع صوت آذان مسجدها من صفد.
جميل أن تصمد في وجه الطبيعة!
يتبع....








16‏/09‏/2008

مخلفات نوبة ابداعية


يفاجئني اخي محمد علينات بصراحته وعفويته الشابة في طرح قضايا الشباب ولذلك انقل لكم بعضا من مخلفاته الابداعية:

هذا أنا وهذا قدري
ما بين كلمتين اثنتين ابحث عن المعاني فاضيع انا. ليس من السهل اختيار الكلمات التي تصف المشاعر ، الاحاسيس والعواطف ، فهي – كما اعتقد- فوق كل كلام او وصف او تعبير، ولكني احاول البحث ولا ايأس بعد كل محاولة فاشلة. علمتني الحياة بان الغروب هو نهاية عهد وبدايه عهد جديد

انا لا اخجل من الاعتراف باني وخلال حياتي مررت بالكثير من التجارب العاطفية، وعلى الرغم من صغر سني، كنت كالقارب الشراعي ما بعد عاصفة هوجاء، مكسور الصارية، ممزق الشراع، فاقد الاتجاه ، مسلما امري الى من بيده مصير كل شي، ابحث عن شاطئ هادىء استجمع فيه قواي لاجدد محاولاتي عبور هذا البحر اللجي الواسع ، وكنت بعد كل محاولة ارمم قاربي واقويه لعلي استطيع الوصول الى الضفة الاخرى بسلام .ولعلك –ايها القارئ- تسأل نفسك ما الذي يدفعني ان اقوم بهذه المغامرات الجريئة الخطرة. الست اعيش على جزيرة مليئة بالخيرات؟ لربما كذلك، ولكن لولا وجود اشخاص مغامرين لما اكتشفت البشرية شيئا على المعمورة. فهذا انا وهذا قدري. انا راض به واتمنى ان يرض بي. احارب الامواج مجدفا بكل قوتي. اتحدى العواصف لاصل الى ما يثلج صدري ويعطيني الشعور بالاكتفاء الروحي.

منظومة الحياة
كثير ممن حولي يستغربون كيف استطعت تخطي الدوامات بسرعة وانا حتى لا اجيد السباحة ، لربما هذا اكبر الاسرار في حياتي ، ولكني رغم صغر سني ، قد نجحت في تطوير منظومة دفاعية عالية الكفاءة ، سميتها منظومة ما قبل الزوال.
هذه المنظومة لا تساعدني على تخطي المصاعب فحسب، وانما تساعدني في استخلاص العبر، وتحليل الوقائع، وهذه الامور هي الاساس في تدعيم سفينتي وترميمها .

ما الحياة لولا المغامرة؟
نظرية الكأس الفارغة اطلقها على قصة سمعتها منذ نعومة اظفاري. الكأس النصف مملوءة بالماء، الكولا أو العصير لا يهم، المهم ما بين السطور.
اذا سمح لي ان اشبه تجاربي بهذه الكأس السحرية ، فأنا ممن ينظرون الى القسم المملوء وليس الفارغ ، وهذا هو سر عمل المنظومة المزعومة وهو الاستفادة من التجربة واعتبارها نقطة تحول ايجابية في حياة الانسان، بالرغم مما يرافق ذلك من آلام وأوجاع، فعملية الولادة هي من اصعب التجارب التي تمر بها المرأة في حياتها نظراً للآلام التي تتعرض لها، ولكنها بمجرد رؤية طفلها ترسم ابتسامة عذبة على شفتيها متناسية ما مرت به منذ لحظات. فلو ان لكل انسان القدرة على ان ينظر للامور بنفس المنظار لكانت حياة البشرية اسهل واجمل بكثير .انا ادرك بانه من الصعب على الانسان أن يؤمن بالشيء ملموس ، فكيف بالامور الغير ملموسة.

بين المحسوس والملموس والمفهوم: لنعرف قبل أن نقع في الحفر
ولكن لا بد للانسان العاقل ان يدرك بان ما تراه العين هو اقل بكثير مما لا تستطيع رؤيته ، وما يستطيع العقل ادراكه هو اقل بكثير مما لا يستطيع ان يدركه ، ولذلك هنالك عامل غير مرئي على الانسان عدم تجاهله ، فالذي يتجاهله يكون كالغبي الذي رأى في طريقه حفرة ولم يكلف نفسه جهداً لتفاديها ، فأغمض عينيه مقنعا نفسه بأن كل شيء لا يراه هو غير موجود ، والنهاية معروفة ، لا تضحك ! يا عزيزي فشر البلية ما يضحك ، لربما سقطنا انا وانت قبله في هذه الحفرة .

11‏/09‏/2008

قصص حب صادقة


يا رجال ويا نساء، تعلموا عن الحب الحقيقي. ليس على الطريقة الهوليودية التي تبيح الجسد في الحب، أو إلى رومانسيات القصص الغرامية التي تحوّل الحب إلى تعذيب للذات. لنعد إلى الفطرة في الحب، فهي الأقرب إلى حرية الجسد والروح معا. هذه القصص وصلتني عبر الإيميل.

تعارف آدم وحواء
يذكر الحديث الشريف أن آدم حين دخل الجنة استوحش وحدته في جنة الله، والتي كل منا يعمل لينال رضى الله فتكون هذه سكنه وجزاء عمله. وآدم لم يهنأ بالعيش وحيدا وشعر أنه محتاج لحواء. وهذا الكلام ليس من الخيال، لكنه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم. فبينما هو نائم اذ خلق الله من ضلعه حواء. فاستيقظ فرآها بجواره.
قال: من أنت؟؟
قالت: امرأة
قال: ما اسمك؟؟
قالت: حواء
قال: ولما خلقت؟؟
قالت: لتسكن الي.

وروي ان الملائكة سألت آدم عليه السلام: أتحبها يا آدم ؟
قال : نعم
قالوا لحواء: أتحبينه ياحواء
قالت : لا
وكان في قلبها اضعاف مافي قلبه من حبه
فقالوا : فلو صدقت أمرأة في حبها لزوجها لصدقت حواء.

وتحكي الآثار وقصص السابقين أن آدم نزل بالهند وحواء بجدة. ويقال أن آدم ظل يبحث عن حواء حتى التقيا عند جبل عرفات، ولو انتبهتم لعرفتم أن عرفات أقرب الى جدة وبعيد جداً عن الهند. فسبحان الله! آدم هو الذي تعب جداً، وظل يبحث عن حواء كثيراً، حتى وصل إليها
وكانت هذه اولى قصص الحب في التاريخ.
قصة سيدنا ابراهيم وزوجته سارة
و كان يحبها حباً شديداً حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تنجب. لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج عليها أبداً. ولم يتزوج من السيدة هاجر (أم اسماعيل) إلا حين طلبت منه سارة ذلك، وأصرت على أن يتزوج حتى ينجب.
فهل يمكن للحب أن يصل لهذه الدرجة ؟
ثمانون عاما لا يريد أن يؤذي مشاعر زوجته. ثم بعد أن تزوج هاجر وأنجبت اسماعيل غارت سارة -وهذه هي طبيعة المرأه- فرغبت ألا تعيش مع هاجر في مكان واحد. فوافق ابراهيم عليه السلام وأخذ هاجر وابنه الرضيع اسماعيل الى مكان بعيد إرضاءً لزوجته الحبيبة امتثالا ايضا لكلام الله سبحانه.

هكذا الاستحياء يكون: سيدنا موسى و إبنة شعيب عليهم السلام

وردت القصه في القرآن الكريم، حين خرج سيدنا موسى من مصر ذهب الى مدين وكان متعبا جدا، ووجد بئرا والرجال يسقون منه وامرأتان تقفان لا تسقيان فذهب الى المرأتين يسألهما: ما خطبكما؟
فردوا ببساطه: لا نسقي حتي يصدر الرعاء .. فلولا ان أبانا شيخ كبير لما وقفنا هذا الموقف.
فسقي سيدنا موسى لهما في مروءة. وبعد أن سقي لهما (لاحظوا ) تركهما فورا وتولى الى الظل. فذهبت الفتاتان الى أبوهما تحكيان له عما حدث، فطلب الأب أن تأتي إحداهما بالشاب. فذهبت إحداهما تمشي وفي مشيتها استحياء وقالت: أن أبي يدعوك إليه ليجزيك عن مساعدتنا. لاحظوا فطنة الفتاة: أي لست أنا ولكنه أبي فبدأت بالأب، ولم تبدأ ب'تعال الى البيت'. هذه هي الفتاة ذات الحياء، وليست من تقول لأبيها :أريد أن اتزوج فلانا ....وسأتزوجه'غصب عنكم'.
أعجبت الفتاه بالشاب وليس هذا عيبا..والأب فاهم وذكي ...فعرض عليه أن يتزوج احدى الإبنتين لأنه قريب من ابنته ويفهمها جيدا ...فهذا نموذج لعلاقه في إطار راقٍ ومحترم.

إمراته تصرخ وهو يذكر فعلها الحسن: عمر بن الخطاب وحبه لزوجته
أحد الصحابه كان يضيق بزوجته جداً ...لأن صوتها عالٍ دوما، وهناك من النساء من لديها حنجرة دائمة الصياح. فالصحابي من ضيقه ذهب يشتكي الى أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب، فذهب ليطرق الباب فوجد صوت زوجة عمر يعلو على صوت عمر، ويصل الى الشارع فخاب أمله ومضى. وبينما هو ينوي المضي اذا بعمر يفتح الباب ويقول له : كأنك جئت لي.
قال: نعم. جئت أشتكي صوت زوجتي فوجدت عندك مثل ما عندي.
فأنظرالى رد عمر وعاطفته حين يقول: ' تحملتـني.. غسلت ثيابي وبسطت منامي وربت أولادي ونظفت بيتي. تفعل ذلك، ولم يأمرها الله به. إنما تفعله طواعية وتحملت كل ذلك. أفلا أتحملها إن رفعت صوتها!'

فهذا هو الحب والعاطفة الحقيقة وهذي هي المعاملة الحسنة للزوجة .

حب عجيب
ولعل أحلى قصه حب في التاريخ لا قيس وليلى ،ولا روميو وجوليت. لأن هذه القصص لم تنته بالزواج. والزواج اختبار حقيقي للحب، والحب الحقيقي هو الذي يستمر بعد الزواج حتى لو مات أحد الطرفين يستمر الحب. حب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام للسيده خديجه رضي الله عنها هو حب عجيب للسيده خديجه. فبعد موتها بسنه تأتي امرأه من الصحابه للنبي وتقول له: يا رسول الله ألا تتزوج؟ لديك سبعه عيال ودعوة هائله تقوم بها..فلا بد من الزواج. هذه قضيه محسومه لأي رجل. فيبكي النبي ويقول: "وهل بعد خديجه أحد؟"

ولولا أمر الله لمحمد عليه السلام بالزوجات التي جاءت بعد ذلك لما تزوج أبدا. حيث كانت زوجات لمتطلبات رساله النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينسى زوجته أبدا حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاما، يوم فتح مكه والناس ملتفون حوله، وقريش كلها تأتي إليه ليستغفر لها. فإذا به يرى سيده عجوز قادمة من بعيد. فيترك الجميع ويقف معها ويكلمها، ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها.
فسألته السيدة عائشه : من هذه التي أعطاها النبي وقته وحديثه وأهتمامه كله؟
فيقول: هذه صاحبة خديجه...
فتسأله: وفيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟
فقال : كنا نتحدث عن أيام خديجه.

لماذا نجعل الله أهون الناظرين إلينا؟


يشغل بالي في الآونة الاخيرة تساؤل: "لماذا نجعل الله أهون الناظرين إلينا؟"، لو كنا نستشعر رقابة الله علينا، لما أتينا بكل هذه المعاصي والذنوب. استعمل هنا ضمير نحن، لأني لا أتحدث عن مشكلة فردية عند شخص أو فئة صغيرة، بل عند مجتمع إنساني كامل، ثقافته مبنية على مصلحة الذات فقط. هذا المجتمع يستهلك ثقافة الفردية والرأسمالية يوميا ويشربها صباحا ومساءا من خلال وسائل الإتصال والإعلام والإعلان.

الملكية الوهمية والرقابة الإلهية

لنبدأ من البيئة التي نعيش بها قبل الدخول في خفايا الناس. الطبيعة التي تفسد كل يوم، والتي ينادي حماة البيئة بوقف إنتهاك حياة الشجر والبحر، الحيوان والحجر.

نعم، لا نحترم البيئة ولا المخلوقات فيها ونعتبرها ملكا شخصيا لنا ما دمنا نملك ثمن شراءها وبيعها. هذه هي ثقافة الرأسمالية وما قبلها وما بعدها. فالمستهلك يستطيع ان يفعل أي شيء بالمواد التي اشتراها بماله، ويشمل هذا الإسراف والتبذير في الأكل والملبس واستعمال السيارة وغيرها. وأيضا صاحب رأس المال يستطيع أن يقتل الحياة في غابة كاملة او في شاطئ بحر، ما دام قد اشترى قطعة الأرض هذه، واشترى معها ضمائر اصحاب القرار في بلده.

واسلامنا ماذا يقول لنا؟ إسلامنا يرفض هذا المبدأ ويعتبره خرابا وفسادا في الأرض، وفي نفس الوقت يوّحد الإسلام بيننا وبين مخلوقات الله، فكلنا عباد لله، وهذه المخلوقات تعبد الله تماما مثلنا، ولذلك علينا المحافظة عليها.

ويعكس هذا الفساد في الطبيعة أيضا الفساد في القيم الاجتماعية. حيث القوانين الوضعية التي تناسب مصالح فئات من المجتمعات. وأيضا ما يسمى بالرقابة فهي مبنية على المصالح وهي مؤقته.

وفي هذا السياق الذي يعطي الإنسان الحق في ملكية الأرض وفي التصرف بما عليها وفق اهواءه، فإنه يلغي من حساباته كون الله تعالى هو الخالق لكل هذه الطبيعة وهذا الكون وهو المالك الحقيقي له، وأن على الإنسان العمل بما أمره الله به والذي يصب في بقاء الكون.

وهنا تتحول ثقافة الملكية الوهمية، التي تنشرها وسائل الإعلام وتعتبرها قيمة إيجابية، إلى أقفال على قلوب البشر وإلى غشاوة على اعينهم، فلا يرون الله ولا يستشعرون مراقبته. وإذا بطل السبب، أي إذا اقتنع الناس بان ما في أيديهم هو أمانة من الله وعليهم أن يعطوها حقها، فإنهم سوف يشعرون بواجب الحفاظ على هذه الإمانة. وتصبح مراقبتهم الذاتية لاعمالهم جزءا من شعورهم بمراقبة الله لهم.

وماذا عن الخوف من الله؟

وهناك أمر آخر يتعلق بالخوف من عقاب الله في حالة المعصية. فهناك من يتوقع ردا الهيا مباشرا على معاصي البشر وعندما لا يراه، تهون المعصية في عين قلبه ويسقط إعتبار مراقبة الله منه. وهناك من يكون أمله في الله كبير، فيلهيه أمله ولا يسارع إلى التوبة إلى الله، على أساس أن الله تواب رحيم، ويتانسى أن الله شديد العقاب.

ولا زلت أفكر كثيرا في عقاب الله وفي الخوف من الله والامل في الله وبالمقابل في مراقبة الله. فهل نحن فعلا نرى عقاب الله؟ أليس ما يصيب أمتنا من انتكاسات ومصائب في مشارق الأرض ومغاربها إشارات إلى عقاب الله على معاصينا؟؟ ام أننا نريد ان تقع مصيبة في بيوتنا وفي أنفسنا حتى نستشعر هذا العقاب فنعطي الرقابة حقها؟ واتسائل: حتى ولو وقعت المصيبة فينا... فهل سنراها؟؟



إسلام يوم الاحد والخشوع في الصلاة


لماذا نعاني من عدم الخشوع في الصلاة؟ سؤال يطرحه كل من يصلي لله تعالى خمسا في اليوم والليلة. وسؤال يطرحه أيضا من لا يصلي اليوم وكانت له تجارب غير خاشعة في الصلاة، فبدلا من يحاول ان يتعامل مع أسباب عدم الخشوع ترك الصلاة. وهذه خسارة فادحة.

سأحاول الإجابة على السؤال ولكن ليس من وجهة نظر فقهية صرفة، بل سأحاول ربط الصلاة بالحياة اليومية التي نعيشها. حيث الكثيرون يعتبرون الصلاة محطة في يومهم أو ليلهم، ويطلبون في هذه المحطة الخشوع التام والدمع الغزير وهم يدعون الله تعالى. وعلى خلافهم أعتقد أن الصلاة ليست إنقطاعا عن حياتنا اليومية، وليست محطة، بل هي استمرار لما يجري في يومنا من الاعمال. فإذا كنا لا نشعر بمراقبة الله لنا في بقية يومنا فكيف سنشعر به في صلاتنا؟ واذا كنا لا نحمد الله في أعمالنا، ولا نحمد على صحتنا وعافيتنا وعلى الانفاس والدماء في عروقنا والتي تجري كل لحظة حتى نعيش، فكيف سنستشعر الحمد في سورة الفاتحة؟ واذا كنا لا نتوكل على الله حقا في أمورنا المصيرية، ونرى في مهاراتنا وعلمنا أدوات للسيطرة على قدرنا، فكيف فعلا سنخشع عندما نقول "إياك نعبد وإياك نستعين"؟

ولا أقول ان الجميع يريد أن يفصل الصلاة عن حياته وقراراته اليومية، ولا أقول ان هذا الامر متعمد، بل هو في أحيان كثيرة يكون بغير وعي منّا. فنحن فعلا نؤمن بأن لله ما في السماوات والأرض وهو المسيطر وهو القادر على كل شيئ. ولكن السؤال في كيفية اندماج هذا الايمان في تصرفاتنا. وهنا عدم الخشوع في الصلاة ما هو إلا إشارة إلى حدوث شرخ بين الاعتقاد والعمل.

أعاني شخصيا من عدم الخشوع في الصلاة في أحيان كثيرة، واحاول جاهدة طرد وساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء وقت الصلاة، وما هي إلا لحظات حتى تعود حالة عدم الخشوع، فأبقى أجاهد نفسي حتى نهاية الصلاة.

حاليا أعمل على ربط الصلاة بمحيطها اليومي، فلن تكون صلاتي كصلاة يوم الاحد عند المسيحيين، صلاة ليوم واحد بغير ارتباط مع الحياة اليومية، ولا أريد لإسلامي أن يتحول إلى إسلام يوم الأحد. وبحمد الله وصلت إلى طريقة تمكنني من الخشوع، وهي الصلاة في جماعة.

إن الصلاة في جماعة تثير الهمم وتمكّن من التفكر في آيات القرآن وفي الدعاء عند الركوع والسجود، غير ثوابها المضاعف ب 27 درجة عن الصلاة العادية. واذا كانت الصلاة في مسجد فإن الخشوع يزيد والأجر يتضاعف، حتى وإن كانت هنك بعض الضجة. فالضجة الداخلية تقل مقارنة مع الاصوات الخارجية، وهذه بركة الخشوع في جماعة.

10‏/09‏/2008

سنة أولى ضياع

سنة أولى ضياع


في الفترة الاخيرة استمعت الى قصص عدة طالبات في الجامعة العبرية في القدس حول معركة تعليمهن الاكاديمي في جامعة تقدّس الانا وتهمش الآخر. فما بالكم في آخر تعتبره عدوا وطابورا خامسا وسادسا وسابعا.


هذه التجارب تعكس نمو الجيل الجديد في فلسطين الداخل او ما يسمونها إقليميا ودوليا إسرائيل. بعد هزيمة 1948، ولا اسميها نكبة لأني لم اعد أؤمن بزمن الضحايا والكوارث والمؤامرات، ولا أحمّل الفلسطينيين، العرب والمسلمين فوق طاقتهم، ولكني أومن بالواقعية وأن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.


ولنعد إلى الجيل الجديد، ربما هو الثالث أو الرابع من قبل ومن بعد، ولكنه يحاول أن يجد لنفسه هوية واضحة المعالم، ولم تعد عبارة: "أنا لا أعرف من انا؟" تلبي الاحتياج المطلوب في التعبير عن الذات ومجموعة الإنتماء.


وتعكس تجارب الصبايا تخبط هذا الجيل، حيث البحث عن مكان وسط زحمة الثقافة الغربية ووسط الرموز اليهودية والصهيونية في كل زاوية وركن من الجامعة. وتلعب اللغة هنا دورا في ابراز الصدمة من كل ما هو موجود في هذا الحيّز. حيث تسقط الكلمات ولا تعبر كفاية عن التساؤلات، وتسقط معها أعوام من بناء الذات.



وفي هذه الامواج يكون الهرب أجمل هرب، ويتخذ أشكالا عدة منها الظاهر ومنها الباطن. ولا أخفيكم أني هربت نفسيا على الأقل سنة كاملة لم أحضر فيها حصة ولم اقدم فيها امتحانا، وكانت زياراتي للجامعة من باب رفع العتب. أردت اكتشاف القدس والتعلم من جامعة الحياة، وعلى درجات باب العامود المؤدي الى البلدة القديمة عرفت الصراع الذي نعيشه أكثر مما عرفته من كتب المتفلسفين والمستشرقين.


واكدت الطالبات،التي تنهي احداهن تعليمها في الجامعة لتنتقل إلى جامعة أخرى بعد ان ملّت هذا النوع من التخبط والصراع، على الشعور بالغربة في هذا الخضم و"أننا كشباب لا نتحدث عن مخاوفنا فتبقى في نفوسنا لتسيطر عليها". وتضيف: "لم نتعود على التعبير ولم نتعود على التعلم من التجارب السلبية. عرفت مؤخرا فقط أنه لا يوجد فشل، بل دائما نتعلم من التجارب التي لا نرضى عنها. وأحاول في جامعتي الجديدة أن أبدأ من جديد".


وطالبة أخر، تغيّر موضوع تعليمها للمرة الرابعة تشكو من عدم التوجيه العلمي والنفسي للطلاب الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية والغربية، حيث يختار معظم الطلاب دراستهم بناءا على أحلام وتوقعات أهلهم وليس بناءا على ما يطلبونه لأنفسهم. وهذه المعايير تسقط عندما يدرك الطالب او الطالبة أن ليس بقادر على ان يحقق هذه الفانتازيا.


والقصص تطول والتجارب لا تنتهي. ولكن زبدة الحديث ان التجربة وان كانت "فاشلة" فهي خير من لا شيئ. والمهم ان نكون واعين لاختيارتنا، وليس خطأ ان نستشير ونسمع اكثر من صوت قبل ان نقرر.





من هنا يقول: هذه البلاد ليست لكم

كتب من هنا يقول:
كم هو غريب هذه المشهد !!! صبيتان تتأملان أزقتا وبائع عصير وتتبادلان أطراف الحديث، وبعض كلام الفلسفة. ويستغرب البائع هذا المشهد ؟!
هذا بلد غريب، امتلأ بكل أشكال التناقضات، حتى أننا صرنا التناقض نفسه، وأصبح الإنسان الواحد إنسانين: هو وهو أو أنا وأنا، هي وهي أنت وأنت. أما نحن فلا يوجد غير واحدة وهكذا يعم التشاؤم، واللجوء إلي الغيبيات والافتراضات المبنية على تجارب محدودة. وهكذا يصبح الحكم على الناس ظالما، ولا ندرك أن الخير والشر موجودان ولكن نحن من نستطيع أن نفنطهما ومن ثم نميز ونختار.

القدس مدينة ليست لأحد هي فقط لمن يحميها ويبقيها قدسا، ومن يجد نفسه غريبا عليها فهذا لانه فعلا غريب فهي لا تشبه شوارع ألمانيا ولا روسيا ولا حتى شوارع المغرب حتى شكل الناس مختلف وطريقة كلامهم كذلك.

الى من يشعر بالغربة في بلد ليست له
التقى رجل وفيلسوف. كان الرجل حزينا ولما ساله رفيقه عن سبب حزنه، قال الرجل: "خرجت يوما للصيد وقتلت غزالا صغيرا، ففاحت منه رائحة الحليب. نظرت امامي، فكانت امه تنظر الي، فشعرت بالحزن، ولا ادري كيف اخرج منها".
فرد الفيلسوف: "اتريد ان اجيبك كما لو كنت انا انت، ام انا من يجب؟ ان كنت انا انت فلا تحزن فانت من اراد الصيد. اما انا فاقول لك لماذا ذهبت الى الغابة حيث هي ليست مكانك؟ ولا يحق لك ان تشعر وكانك انسان، وان الظروف هي التي تجبرك على فعل ما فعلت".

06‏/09‏/2008

العودة إلى الفطرة

العودة الى الفطرة
العودة إلى الفطرة هي إحدى القوى التي تتمتع بها عقيدة الإسلام. تاريخ البشرية حافل بالصراعات بين الفطرة التي جبل الإنسان عليها وما بين المكتسب من الافكار والتقاليد والتحليلات التي بنيت عليها المجتمعات، والتي تنقلها من جيل إلى آخر دون أن تفحص مدى قربها أو بعدها عن الفطرة.

ويعيش عالمنا اليوم حالات من الكبت والقهر بسبب الظلم الذي يقع فيه، ليس فقط في المناطق التي يسكنها المسلمون بل أيضا في بلاد ما يسمون انفسهم بالعالم الأول، أي الدول الصناعية الكبيرة. وبطبيعة الحال هذا الظلم مناف لفطرة الإنسان التي تسعى إلى العدل وترتاح إليه. فتطبيق "العدل" بالمفهوم الامريكي والأوروبي يقوم على فرض الهيمنة على الدول المستضعفة، ومن خلال قنص مواردها المادية والروحية. وهذا يؤثر ليس فقط على الشعوب المستضعفة بل أيضا على المجتمعات المحتلة، حيث تسود التفرقة والعنصرية والاستغلال داخل هذه المجتمعات.

والمثلية الجنسية هي إحدى آخر الموضات التي تنتشر في تلك المجتمعات، فهي ليست اندفاعا جنسيا نحو نفس الجنس، بقدر ما هي تعبير عن رفض منظومة المجتمع وتعبيرا عن الكبت. والمثلية أيضا في المجتمعات المستضعفة تعبر عن الاحتجاج على ضعف تلك المجتمعات، وتقليدا لثقافة القوي الذي يبيحها بدعوى حرية الفرد.

وعندما يرفض الإسلام المثلية الجنسية ويعتبرها خروجا عن الفطرة التي تبنى على علاقة بين الرجل والمرأة، فهو أيضا يرفض الظلم ويفرض العدل بين الناس، وليس فقط بين المسلمين أنفسهم، وهذا من أجل اجتثاث مصادر الكبت في المجتمع الإنساني.

قوة الإسلام تكمن في دعوة الناس الى التصرف حسب فطرتهم. وفطرتهم تؤمن بل وعاهدت الله في عالم الذر، على الإيمان بالله الواحد لا شريك له، والاستجابة لدعوات انبياءه، وآخرهم محمد صلى الله عليه سلم.




05‏/09‏/2008

إلى من لا يعرفني ويحكم عليّ


إلى من لا يعرفني ويحكم عليّ
هناك من يتصور أن حياتنا في فلسطين بسيطة إلى حد كبير، إلى درجة أن نكون في قوالب: هذا شمالي وهذا جنوبي، هذا شرقي وهذا غربي. هذا وطني، هذا محتل وهذا عميل.. هذا منا وهذا علينا. نحن أولا في صراع مع انفسنا وصراعنا مع الآخر هو جزء من هذا الصراع. التصور البسيط للأمور لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة. ولا يمكن أن يكون واعيا كافيا من أجل الحكم على الغير.


لمن لا يعرفني، أقول:


- أنا مسلمة أولا وآخرا، وليست المذاهب الإسلامية إلا طرقا من اجل فهم الإسلام من أجل العيش به وإليه. فإذا كان التعصب لهذه الطرق أهم من التمسك بجوهر الإسلام.. فلا معنى لها.


- أنا فلسطينية عربية حرة، لا أجامل أحدا. ولا أداهن أحدا. ولست في وضع للدفاع عن نفسي وإثباتي لولائي لقضيتي.


- أعيش في مجتمع غربي إسرائيلي، لا يعترف بوجودي ويعتبرني عدوا له. ويحاول بشتى الوسائل تهجيري من أرضي. أرى صمودي في العلم والعمل في هذه البلاد المقدسة.


- علاقتي مع الآخر الذي يحاول إلغائي علاقة مركبة جدا وواقعية أيضا، لا معنى لوجود الشعارات فيها. فأنا أدرس في جامعة عبرية صهيونية، أدرس علوم السياسة والمجتمع، واتعرف من خلال دراستي على أفكار هذا الآخر، وأجادله فيها واطور أدوات علمية من أجل التعامل مع افكاره ودعايته. وأنا أيضا اعمل في جمعية حقوقية غير حكومية من أجل الدفاع عن حقوق فئة مهمشة ومظلومة من أبناء شعبي، ومن اجل ان يتحمل الإحتلال مسئوليته.


- أنا ايضا إمراة ترى العالم من زاويتها وتحاول أن تفهم الطرف الآخر، وهو الرجل والمرأة في ذات الوقت.


أنا ايضا أشياء كثيرة مع ملامح واضحة وأيضا بلا ملامح. هويتي لا تنتهي عند مسميات سياسية واجتماعية كالتي ذكرتها سابقا، إنما تبدأ من هناك ومن ثم تتحول إلى هجين من الأفكار والمشاعر والثقافات.


والإنسان في نهاية المطاف هو كائن سياسي من الدرجة الأولى، تعايشه أو رفضه للواقع الذي يعيش به مركب ولس شعارا على حائط. فالنحاول ان تكون نظرتنا إلى الحياة أكثر تعقيدا وأكثر واقعية ولنسأل الف سؤال قبل أن نجيب.

02‏/09‏/2008

فنجان قهوة


عم تتحدث النساء لما يلتقين؟ سؤال قد يراود الكثيرين من الرجال. واليكم هذه الإجابة غير المفاجئة: إنهن يتحدثن عن أنفسهن من خلال علاقتهن بالرجال. فالعلاقة مع الآخر، تشغل ذهن الكثيرات من نساء هذا العصر. ولماذا؟ لأن نوعية هذه العلاقة تحدد أيضا هوية المرأة ومكانها في حياتها الشخصية وفي المجتمع.
كان الهواء منعشا في البلدة القديمة في القدس، وكانت الشمس تميل الى الغروب، اما الازقة القديمة فكانت معتمة بسبب انقطاع الكهرباء عنها لفترة. انكمشت حاني على نفسها وقالت:
- اين تأخذينني في هذه العتمة؟
- "لا تقلقي". أجبت بمرح وقلت: "لا تخافي، على الرغم من العتمة فلن يحدث شيء. ليس هذا مكانا مناسبا للخطف والاغتصاب!!".
كنا نتجول باحثتين عن مقهى للجلوس فيه. فلا أفضل من مقهى لسرد السيرة الذاتية. وعندما جلسنا طلبت سريعا عصير الرمان قائلة انه "ينعش القلب!!". أما حاني، وهي يهودية أعمل معها في نفس الجمعية أتمت جملة قالتها: " في داخل كل إمراة تعابير عن النقص. هذه التعابير مثل الاشباح. فإذا جاء رجل وايقظها فهذا دليل على انه ليس الرجل المناسب".
وهكذا نتحول إلى نساء نحمل في داخلنا أشباحا. وهذه الاشباح عبارة عن الأوهام والتهيؤات والمحددات التي كتبها المجتمع الذكوري علينا وايضا كتبناها على انفسنا.
حاني تشعر بالوحدة. وهذا أمر طبيعي. من الصعب أن تجد محامية شابة على قدر كبير من الذكاء والإحساس بما حولها رجلا. وفي هذه الأثناء فكرت بالتهديد الذي سيصاب به الرجل عندما تناقشه إمراة ذات رأي، وشعرت بحمق الرجال!!
اكتشفت وانا اعرض عليها شبانا أعرفهم من الاسرائيليين، انني اعرف الكثير من الاصناف من خلال دراستي في الجامعة العبرية. احدهم صهيوني حتى النخاع قلت لها، والاخر يهودي شرقي حانق على كبته من المجتمع الذي يسيطر عليه اليهود الغربيين. وهناك فتاة أعرفها تزوجت مستوطنا من غوش عتصيون بعد أن تحول من حياة المستوطنات المتطرفة الى حياة تل ابيب اللامبالية والتي تتصنع السلم. فربما كان له صديق يريد أن يتحول. قالت لي: انها غير متحمسة لأي أحد فيهم.
صاحب المقهى كان يختلس النظر وهو في حالة استغراب. ولم يستطع ان يخفي حيرته من وجود شابتين واحدة يهودية والثانية مسلمة ذات لبس شرعي في مكان واحد.
وفي طريق العودة وبينما أخذنا طريقنا إلى باب العامود قالت: اشعر بأني كائن غريب في هذه الأزقة. لا أتلائم مع جوها وطبيعتها. سالتها ان كانت تريد ان تكون اسرائيلية أو فلسطينية لو كتب لها القرار في ذلك. قالت و بسرعة: بالطبع اسرائيلية. أجبتها: إنك تتمتعين من كونك اسرائيلية. وكانت اجابتها: نعم. ولكن تفرض علي سياسة لا اريدها. وكانت تعني سياسة الاحتلال.

الفرصة الذهبية ورمضان


مضى اليوم الأول في رمضان 2008، وكانت صلاة التراويح في المسجد الأقصى المبارك من أجمل الصلوات. مع أنها صلاة تحت حراسة مشددة من الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول في كل مناسبة وفي غير مناسبة إثبات وجوده على الأرض.
أقصانا الجميل كان حافلا بالمصلين، ممن يسمح لهم بالدخول إلى المدينة المقدسة. ولكن للأسف حرم الكثيرون من إخواننا واخواتنا في الضفة الغربية والقطاع ومن المسلمين في سائر بقاع الأرض، من الصلاة فيه. نحن نذكركم ونرجو من الله العلي العزيز أن يجمعنا معا في أرض الإسراء والمعراج.
الجميل في رمضان هو صلاة الجماعة. للجماعة قوة روحية اشعر بها خلال صلاة الجمعة وفي صلاة الفجر وفي التراويح وطبعا في ليلة القدر. هي الجماعة التي تستثير الهمم وتشد العزائم.
ورمضان فرصة لشحن الذات، وهو مولد الطاقة للاستمرار في الطاعة بقية أيام السنة. قالت لي حنين ونحن نعبر من باب الأسباط بمحاذاة المقبرة وبعد أن قرأنا الفاتحة على أرواح اموات المسلمين: "اشتاق لرمضان، وخاصة في شهري رجب وشعبان. حيث اشعر بان طاقتي الايمانية تكاد تفرغ واريد شحنها من جديد".
قلت لها: "رمضان فرصة ذهبية لتجديد الذات. فرصة لتغيير ولو عادة سيئة واحدة واستبدالها بعادة حسنة يرضاها الله ورسوله".

غالي.. لماذا لا تصلي؟؟
تدمع العين على من يصوم بلا صلاة. من المسلمين والمسلمات من يتكاسل في الصلاة بحجج واهية، ولا يدري أن اول حساب العبد على صلاته، فإن صلحت حوسب على ما بعدها، وإن ردّت.. رمي في النار.

أحزن على شباب في قمة عافيتهم لا يشكرون الله. هل علينا ان ننتظر المصائب حتى نصلي؟؟ هل نضمن الساعة التي نعيشها حتى نؤجل الصلاة؟؟

غالي.. أرجوك عد إلى الصلاة. توضأ وأعلن التوبة. ففي رمضان تقيّد الشياطين الكبيرة، ولكن تبقى النفس الأمارة بالسوء، فلا تجعل لها سلطانا عليك.

قم وصلّي الآن.

لماذا أنا هنا؟؟


لماذا أنا هنا؟ أتسائل الان.. نعم... إني أتسائل بعد أن قررت الدخول إلى عالم التدوين. الجواب ليس بديهيا كما يبدو. الكثيرون ممن هم حولي يدونون ويكتبون وينطلقون بأفكارهم وأحلامهم إلى الشبكة، ومع أني أحب الكتابة والتعبير مثلهم إلا أنني لا أزال مترددة حتى وأنا أكتب هذه الكلمات.

حولي وفي هذه اللحظة بالذات، فتاة "بتموت" في التدوين، وهي التي "زنّت" على رأسي عشرات المرات بأن أبدأ. وفجاة.. وبعد أن غاب النوم من عيني.. قررت أن لا أغيب عن الشبكة أكثر وأن أبدأ.

يقولون أن الكتابة تساعد على تطوير الأفكار.. نعم هذا صحيح. تعتمل الأفكار في داخلي وحان لها أن تخرج. وحيث أني أعتبر كل كلمة تخرج مني مسئولية بحد ذاتها، وأن كل فكرة تعبر عنّي وعن واقعي المركب. فإني سأكون كما أنا بلا زخارف ولا مجاملات.

سأناقض نفسي.. وستتغير ملامحي وأنا أكتب. فأنا أكتب أولا حتى أعيش وأكتب لكم فلا تبخلوا بالرد.

خواطر في طريق مهاجر

خواطر في طريق مهاجر

كان يلتمس طريقه وسط العتمة، الحجارة المتناثرة في كل مكان تعيق حركته، العرق يتسلل على وجهه وكل جسده يلهث. يتابع سيره نحو الأعلى، إلى جهة لا يعرفها إلا هو. وجهه يتحدث بالكثير وشفتاه المتشققتان المرتجفتان لم تذوقا الماء منذ فترة طويلة، ظهره ينحني تحت وطأة كيس أبيض، إنه يحمل كفنه ويمشي.
انحبست الدموع في عينيّ وأنا أراه. ناديته بصراخ أخرس:"جدي... جدي". فتحت عيني وإذا بأذان الفجر ينادي للصلاة. أغمضت عيني وناديت: "جدي!". لم يجبني. تابع مسيره إلى بعيد. قمت من نومي وإذا بجدي غائب من الدنيا.
رحل ورحلت معه المأساة كما هو يراها. كان يدفن حزنه في عينيه. لم أستطع أن أحصل منه على أي جواب... ولا تزال الأسئلة تطاردني.

* * *
في حركة مسرحية سكب الخمر من كأس البلاستيك التي كان يحملها، ورفع يده الى السماء وقال: "لم أر محجبة في شوارع نابولي. يا الله كم خسرت من سنوات عمري!". كان وجهه ينبئ بالألم الذي يعتصره، عينان سوداوان لم تعرفا طعم النوم، جسم نحيل ويدان مليئتان بالجروح. إنهما يدا عامل في مصنع للألبان في المدينة الفقيرة. اسمه محمد وهو من تونس، هاجر الى أوروبا ليعمل وهجر إسلامه: "قبل خمس سنوات كنت داعية للإسلام، والان انا كما ترين لا أفارق الخمر". احترقت عيناه بالدموع وقال: "بماذا سأجيب ربي عندما أقف أمامه ويسألني: ماذا قدمت لفلسطين يا محمد؟ ماذا قدمت للأقصى يا محمد؟"
كانت مناجاة من قلب صادق، قلت له وأنا أغادر: "اذهب وصلي" ومضيت للبحر.

* * *
- هل تريدين اعترافا بالجريمة؟ لن اعترف بمصداقية الجريمة.
- ولكننا شعب نعاني من الخوف. شعب مضطهد. شعب ذاق الويلات في أوروبا، هذه دولتنا نحن. لا مانع لدينا أن تكونوا مواطنين مع حقوق ولكن هناك واجبات. لا نستطيع أن نقبلكم وانتم تشعرون بالانتماء لشعب هو عدونا... أريد أن اسمع منك تفهما لخوفي. ماذا سيكون حالنا لو عاد اللاجئون الى البلاد، سنفقد هويتنا ودولتنا اليهودية. لن نقبل بهذا، ليأخذوا التعويضات وليعيشوا بعيدا عن هنا.
- لست السبب في خوفك وشعورك بالاضطهاد، هذه مسئوليتك حتى لا تخافي. عليك أن تتوقفي عن الخوف من كل شيء. أنتمي لشعبي وديني ولن أنتمي لغيرهما. المشكلة أنكم شعب يعيش في مصيدة الخوف والوهم وتريدون أن ننتقل لنعيش معكم هناك بدلا من أن تحاسبوا أنفسكم للخروج منها.
تقلبت العيون في مجموعة الحوار وأطبق صمت عميق. لم يكن هناك مجال للبيع.

أفكار لا تحتمل المكوث في القلب

يضيق الوقت
وتضيع الأيام في البحث
عن شيء ما لا نعرفه إلا بعد أن نجده
تتصنع الكلمات
وتلبس الأقنعة
ولا مجال إلا للاعتراف
في بحر الحياة رجل لا يعرف إلا الإبحار
ورجل لا يعرف إلا الغرق
وغيرهما تائهون
مرة في ظلمة البحر
ومرة عند ابتلاع الموج للضوء
والبحر كبير يمتد من شراييني إلى شراييني
لتكتمل الحياة...

تخونني الكلمات عندما أريد التعبير عني
وهي تخونني الآن
تلبس الأقنعة
وترفض الاعتراف
تتراقص أمام القلب باستفزاز مرير
وأغيب في الحلم...

ما أصعب أن أعيش مرة أخرى
على ضفاف الحقيقة
ولا أغوص فيها
خوفا مني
ما أصعب أن ترتجف الكلمات على شاطئ الفم بلا معنى
وهناك في بحر الحياة
ما أسهل غرقي...

القدس، 29.4.08
(وإنا لله وإنا إليه راجعون)

تأملات في فوائد الحجاب


تأملات في فوائد الحجاب

فرض الله الحجاب على المسلمات ليزددن إيمانا وجمالا وليس من أجل تقييدهن باللباس الطويل. لنتفكر سوية بفوائد الحجاب:
§ طاعة لله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام. وفي الطاعة دائما الأجر والثواب. والقرب من الله يعين المسلم والمسلمة على أمور حياتهم، فتستجاب دعواتهم وتطمئن قلوبهم.
§ الحجاب يضمن للمرأة الصلاة في وقتها في كل مكان: في مكان عملها وتعليمها. وفي أداء الصلاة منافع منها: الراحة النفسية من متاعب الدنيا.
§ يمنع أو على الأقل يحد من الوقوع في المعاصي والشبهات. فعندما تخرجين في جلبابك متوضئة، قد صليت فرضك وقرأت ما تيسر لك من القرآن.. فإنك تخرجين لا تراودك نفسك على معصية ولا تدخلين أماكن لا يرضاها الله أو ستحاسبين نفسك إذا قمت بذلك، فحجابك يذكرك دائما بعهدك مع الله. بالمقارنة مع كونك غير محجبة، فإنه ربما دخلت في المعاصي وخرجت منها بدون محاسبة وبهذا تحملين أوزارا أنت في غنى عنها.
§ الحجاب يعطيك حيزا واضحا لتتطور فيه هويتك الشخصية والجماعية، فأنت مسلمة تحملين رسالة الإسلام وداعية إلى الله. وأنت تنتمين إلى أمة لها تاريخها وقيمها وحضارتها. واليوم أمتك في حاجة ماسة إليك لما تعانيه من التمزق في الأفكار والهويات. فهل ستتحملين المسئولية؟ وهل ستكونين عونا لإخوانك وأخواتك المسلمين؟
§ الحجاب سمة جمالية. فالمرأة بطبعها تحب أن تكون جميلة، ومن الطبيعي أن يخفي الحجاب جزءا كبيرا من جمالها مقارنة مع النساء غير المحجبات. ولكن دعونا نفكر قليلا: لماذا يجب أن يكون جمالي دائما مرتبط بالكشف عن مفاتني؟ لماذا لا يكون الاحتشام جمالا في حد ذاته؟ حان الوقت ليكون الحجاب جمالا من غير زينة ولا عطر ولا مكياج. نحن نعيش ثقافة تقدس التعري وتعتبره مثالا للجمال. حان الوقت لنبدأ بأنفسنا بتغيير هذه المفاهيم الخاطئة واستبدالها بمفهوم العفة الذي يطغى على كل جمال. وفي عصرنا هناك سباق محموم على "من الأجمل؟ ومن الأنيقة؟ ومن العصرية؟" في كل مكان وفي كل ناحية. وهذا أمر طبيعي أن تبحث المرأة عن مكان تعبر فيه عن أنوثتها وجمالها. والسؤال هو: أين هو هذا المكان؟ هل هو الحيز العام، أمام رجال ونساء آخرين وحتى ولو اختارت المرأة معصية الله وإبراز جمالها في هذا الحيز. فكم سيدوم لها؟ فقط بضع سنوات وسرعان ما ستحل مكانها من هي أجمل منها. وفي هذا التفكير خلل كبير. فالمرأة الواعية هي التي تعتبر جمالها حيزا خاصا بها وتعتبر جسدها ملكا لها، ومن يحق له أن يراها في كامل أنوثتها هو زوجها. ولا تقبل المرأة الواعية والعصرية أن يكون جسمها مشاعا لنظرات الرجال.

.
الحجاب طريق للتحرر: قرب من الله وحرية من قيود العباد

ليس مثل الحجاب تحرر وحماية للمرأة العصرية في مجتمع الرجال. وهو حماية للرجل من سيطرة الغريزة عليه. حينما تكونين مع الحجاب وتصلين صلاتك في وقتها أينما رحلت وكنت، تعرفين كيف يحمي الحجاب عبادتك. والحجاب جميل لمن يحب الجمال، في الظاهر عفة وفي الباطن قلب يسعى إلى الخشوع. يكفيك جمالا أن تخرجي متوضئة وان تحافظي على وضوءك كل النهار، فلا أقنعة من المكياج تسقط لتظهر إخفاقات القلب في الحصول على السكينة. والحجاب ليس شكلا فقط بل مضمون، لا تتوقعي أن تصلي الى مراتب الخشوع والسكينة العالية بلا عبادة ولا عمل. ولا تتوقعي حل مشاكلك فقط بلبس الحجاب، فهو بداية العودة إلى الله. الحجاب طريق فيها أشواك. أحيانا يمكن أن تقعي في مطبات الجاهلية الأولى مثل الاستمرار في العادات التي كانت "طبيعية" يومها. مثل استعمال العطور والمكياج ولباس الضيق والقصير من الثياب، أو محادثة الشبان "محادثة أخوية" أو صداقة، أو الخروج الى اماكن اللهو التي ليس فيها احترام للاحتشام وغيرها. هذه كلها عادات يمكن التخلص منها تدريجيا. فلا عليك إن عدت إليها.. المهم أن تحاسبي نفسك وأن تنهضي. فالخطأ ضعف إنساني وهو وارد دائما. ولكن سرعة المحاسبة والتوبة تمحو السيئات، فكلما خطرت في بالك عادة أو موقف من الماضي استغفري لذنبك وقولي لنفسك: "لن أعود إليك فانا مسلمة جديدة". واعلمي انك بعد كل توبة تولدين من جديد.

هكذا تكون الولادة من جديد
وتساعدك الأمور التالية على تقوية العزيمة لوضع الحجاب والولادة من جديد:
أولا: العلم بالإسلام من خلال الكتب والمحاضرات والأشرطة وهي متنوعة، وابدئي بالمواضيع التي تهمك والقريبة إلى قلبك وعقلك.
ثانيا: الصحبة الصالحة هي أيضا خير معين على المثابرة والثبات، لتكوني دائما مع أخوات لك لتشجيعك.
ثالثا: لا تخافي عندما توسوس لك نفسك بالعودة عن الحجاب، فهذا أمر طبيعي وتوقعيه منها وتوقعيه من عملاء الشيطان من البشر، حيث يمكن أن يكونوا أقرب الناس إليك، مثل أهلك أو صديقك أو زميلك في العمل والدراسة، أو صديقاتك اللواتي تعودن ان يذهبن معك لشراء الملابس على الموضة. ولا مشكلة من حيث المبدأ أن تلبسي ملابس الموضة هذه في بيتك وأمام من يحل له أن يراك متزينة، فأنت لم تخلقي لتكوني عارضة أزياء بل لهدف أسمى فأنت حاملة لرسالة الإسلام.
وعندما تأتي هذه الوساوس وخاصة في الأشهر الأولى، سارعي للحديث عنها لمن تثقين في إسلامها أو كتابتها. وحاولي قدر المستطاع التخلص منها عن طريق معاكستها. مثلا: عندما تقول لك نفسك أو صديقة متبرجة: لا مشكلة بلبس الضيق من الثياب ووضع المنديل بصورة جميلة يمكن معها ابراز الرقبة والصدر. يبدو هذا معقولا... حيث أنه من غير المعقول أن تخنقي شبابك وجمالك بالحجاب. تمهلي لحظة واسألي نفسك: لماذا الحجاب؟ أليس تواضعا لله، أليس من أجل الصلاة في وقتها؟ ومن أجل عدم لفت انتباه الرجال والنساء؟ أليس طاعة لله؟ أليس الحجاب جمالا في حد ذاته ولا يحتاج إلى تجميل؟ نعم. قولي لنفسك. وارتدي حجابا فضفاضا أنيقا ليس فيه بريق أو عطر. انظري الآن الى نفسك في المرآة وستجدين انك أجمل امرأة.
رابعا: الصلاة في وقتها وعدم تأجيلها. حان الوقت وأنت في حجابك بالتمتع في الصلاة في كل مكان طاهر على الأرض، فكل الأرض مسجد لك.
خامسا: قراءة القرآن والتفكر فيه. يعني ممكن ألا تصلي الخشوع من المحاولات الأولى، حاولي جاهدة وستبلغين جنة الدنيا بإذن الله.
سادسا: ترك المعاصي والاستغفار للذنوب الماضية. وذكر الموت والقبر والآخرة من أجل تطهير القلب وتحريره من قسوته.
سابعا: التفكير دائما في معنى حجابك وربطه بعبوديتك لله، حجابك ليس شعارا بل مضمونا. فكري في معنى الجمال والحرية والأنوثة واربطيهم بالحجاب، وخاصة انك منكشفة على ثقافة تقدس التعري وتعتبره تحررا وجمالا.

تجربتي: الحجاب والولادة من جديد




الحجاب والموقف السياسي

قبل سبع سنوات ومع تزايد الهجمات ضد الإسلام والمسلمين ومع تفاقم الصراع على أرض فلسطين، جاءت انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في ظل عدم طرح بديل سياسي عادل وصمت عربي وإسلامي مثير للاشمئزاز. وقتها جاء قراري بارتداء الحجاب. نعم الحجاب الإسلامي للتعبير عن هويتي وموقفي من الصراع. كانت خطوة للتعبير عن موقف سياسي بحت. أصيب من كان حولي بالدهشة وربما بالصدمة.
وجاء سقوط الحجاب بعد عشر أشهر من "الصدمة" بعد ان طردت (غير نادمة ولا آسفة) من عدة وظائف في الحيز الإسرائيلي، ولم يكن هذا لان الحجاب غير صالح.. بل لأني لم أكن أصلح ساعتها للحجاب، ووعدت ربي أني سأعود إلى الحجاب عندما استحقه.
سقط الحجاب لأنه لم ينبع من الإيمان الحقيقي والرغبة في العبادة، بل للتعبير عن هوية الآخر في مجتمع لا يحترم الآخر. ذلك لان الحجاب ليس لباسا أو شعارا سياسيا بل هو أعمق من ذلك. الحجاب موقف إنساني من الوجود بناءا على العلاقة مع رب الوجود. انه تحديد مختلف لسلم الأوليات حيث تكون طاعة الله والولاء لله فوق كل طاعة وولاء. ويكون الحجاب من باب التسليم بما كتب الله لعباده ووسيلة للتقرب منه.


علمانية فرنسا علمتني الحجاب
وفي فرنسا، وبين العلمانيين عرفت أني لا يمكن أن أكون علمانية، كنت أدافع عن الفكر الإسلامي. كنت أنظّر للإسلام، وكانت مريم اكبر ملهمة لي. فهي فرنسية أسلمت في جيل الثمانية عشرة عاما، عارضت أهلها وتزوجت من مسلم تونسي فقير، بلا تصريح عمل من أجل الثبات على الإسلام. تعلمت العربية من أجل قراءة القرآن. وكان غريبا أن تجد في المترو فتاتين، واحدة عربية تحمل كتابا في الفن الحديث والأخرى أوروبية تحمل القرآن.
كانت تجربة مريم العملية واقتناعها بان الإسلام تجربة حياة وليس أفكارا على ورق"الصدمة الحقيقية" لي. مريم كانت ترتدي الحجاب كاملا، جلبابا فضفاضا ومنديلا يغطي ما يجب تغطيته، وكانت تتحدث معي عن نظرة المجتمع السيئة لها، ولكن أيضا عن إيمانها بأن جنة الله غالية وتستحق التضحية بمغريات الدنيا. ولا أنسى أبدا أنها أهدتني قبل سفري حجابا، فكانت هديتها بشارة لهداية.


الانفصام مرحلة من أجل وحدة العقل والعمل
كان المسجد الأقصى المبارك هو المكان، وشهر رمضان هو الزمان. عدت فيهما إلى نفسي بعد أن رحلت عنها لسنوات، عدت إلى العبادة التي تقرب من الله، عدت لأني لا ابحث عن الصدمات ولا عن الهويات ولا عن الصراع مع الآخر، عدت لأني أريد السكينة والاطمئنان وأريد أن أشكو بثي وحزني إلى الله.
شهر كامل وانا أعيش تجربة الانفصام بشكل عملي. ويعني الانفصام عدم التوافق بين الفكر والعمل، نعم أحمل فكرا إسلاميا لا استبدله بأي فكر اخر، وغيرة للإسلام وحبا لله ورسوله، ولكني من جهة أخرى لا أطبق شريعة من أحب وما أحب، أصوم ولا أصلي بانتظام، أخشع لآيات من القرآن ولا ارتدي الحجاب. لا اكذب وأقول أن إيماني في القلب فقط. وفي شهر رمضان عشت المفارقة بين القول العمل، في النهار كنت لا ارتدي الحجاب وفي صلاة المغرب والتراويح كنت ارتدي الحجاب. أحسست أني في النهار إنسان وفي الليل إنسان آخر. في النهار أنا بلا ملامح، وفي الليل تتحدد ملامح حياتي بين الركعات والسجدات وبين قراءة القران وصحبة الأخوات. في النهار أجري إلى الضياع.. وفي الليل أجري الى الرقي. عندما كنت أخلع حجابي لأبدأ نهاري، كنت أخلع معه معاني السكينة. وكنت أخلع قلبي وعقلي.
وفي ليلة مباركة عظيمة، واسمحوا لعيني أن تجري دمعة، شاء الله ان يتوحد الفكر والعمل، في الليلة الاخيرة من رمضان قبل ثلاث سنوات، قررت الخروج من المسجد الى العمل بالحجاب. قررت الا اخلع حجابي ابدا. نعم، صليت وقررت. وجاءني الشيطان في ملامح الناس حيث هناك من قال: انتظري حتى تقتنعي. وجاءت الافكار السوداء التي تدعو الى التريث حتى لا اخلعه مرة اخرى.


عالم يفتح فمه ضد الحجاب: لا ليستوعب بل ليهاجم
ولم استجب للوساوس الأولى والتي ستتخذ ملامح أخرى، من خلال الضغوطات التي تمارس على الفتاة المحجبة في هذه البلاد والأفكار المسبقة التي تلصق بها بلا سؤال لها أو جواب. أو من خلال التفتيش الأمني والسؤال عن البطاقة الشخصية، وكأن هويتها غير واضحة، باعتبارها قنبلة موقوتة أو جسما مشبوها. وغير ذلك قد تعاني من ضغط الأهل من خلال مخاوفهم بألا تجد لها عملا أو يضيق عليها في التعليم أو تكون عرضة للسخرية أو الحقد من الآخرين. وكل هذه التخوفات واردة في مجتمع عنصري كالذي نعيش فيه، ولكن في كل أذى تتعرض له الفتاة المحجبة تسجل لها حسنات في رصيدها عند الله. وفي كل ثبات تصبح أكثر صلابة وقوة، وفي كل باب يغلق تفتح مقابله أبواب كثيرة من الرزق والخير. وكيف لا وهي تلبس حجابها في مرضاة لله.. أفلا يرضيها؟